في النكاح فلا نوقع العتق بالشك. وإن قال الوارث: لا أعلم أيهما ابنه فالقول قوله مع يمينه إذا ادعى عليه أنه يعلم. ثم قال الشافعي: أرى القافة لأنه لا فرق بين أن يتردد الولد بين والدين وبين أن يتردد فلا يدري أيهما ولده. فإن قيل: إذا كان [١٥٥/ب] المقر ميتًا كيف يرى القافة؟
قلنا: يجوز أن يكون القاف رأى المقر في حياته أو قبل دفنه وإن لم يكن شاهد قط نظر إليهما وإلى عصبة المقر الميت مثل أبيه وأخوته وأعمامه فيجد فيهم الشبه ثم الاحتياط للحاكم إذا رجع إلى القافة أن يستحضر جماعة منهم. ولهذا ذكرهم الشافعي بلفظ الجماعة ولو اقتصر على واحٍد منهم ففيه خلاف بين أصحابنا والمشهور جوازه لأن القائف يعتمد الاجتهاد وإلحاق الشبه بالأصل فصار كالحاكم. ثم إذا ألحق القائف به أحدهما ورثناه منه لأن النسب إذا ثبت استند ثبوته إلى حالة الحيرة، ثم إذا جعلنا الولد ولده جعلناها أم ولده وعتقت عليه على ما قال الشافعي. وصور الشافعي إذا كانت الولادة في ملكه لأنه قال: وإذا كانت أمتان لا زوج لواحدٍة منهما فولدتا ولدين فنفى عنهما الزوج ثم أثبت الولادة في الملك بحرف التعقيب وهو قوله: فولدتا ولدين. ثم الولد الثاني الذي لم يلحقه القافة به رقيق موروث وأمه رقيقة. وإن أشكل على القافة أو لم يكن قافه فإنه لم يجعل واحد منهما ابنه كان الإلحاق بعد الموت مع عدم القافة لا يتصور إلا بالانتساب والانتساب بعد البلوغ حيث يتصور الانتساب، وفي هذه المسألة لا سبيل إليه بعد البلوغ أيضًا.
فإن قيل: ِلَم قلتم هكذا؟ وأي فرق بين هذه المسألة وبين رجلين تنازعا مولودًا وفقدت القافة فبلغ الغلام أمرتموه بالانتساب إلى واحد منهما؟. قلنا: الفرق أن في تلك المسألة يتيَّسر الانتساب لأنه إذا راجع نفسه وتأمل دواعيها إلى أحدهما بما بينه وبينه من القرابة والأبوة أمكنه الانتساب وكذا الاعتماد على قوله إذا انتسب وها هنا إذا أمرناهما الانتساب تعذر الفصل إذ لا خيار بين أحد أمرين إما أن ينتسبا جميعًا إليه فلا يكون أحدهما أولى من الثاني، أو ينتسب أحدهما فيحتمل أن يكون المنتسب غير ولد وغير المنتسب ولدًا. [١٥٦/أ]
فإن قيل: هناك أيضًا إذا انتسب إلى أحدهما احتمل أن يكون الذي انتسب إليه غير والٍد والذي لم ينتسب إليه والد.
قلنا: إذا أمرنا الولد بالانتساب إلى أحد المدعيين فلا بد له من أن ينتسب إلى أحدهما وليس له الانتفاء عنهما جميعًا، ولا الانتساب إليهما جميعًا. وقوله: أصل في نسبه فإن نسبه حقه فيمكننا تعليق الحكم بقوله ونتبين فائدة أمرنا إياه بالانتساب فلذلك كلفناه الانتساب فأما الولدان والوالد واحدة فلا فائدة في أمرنا إياهما بالانتساب وكان الأمر به في الابتداء محالًا لما كان الحكم به في الانتهاء محالًا. فإذا ثبت هذا أقرعنا بين الولدين لإثبات الحرية في أحدهما لا لإثبات النسب، فإن النسب لا يثبت بالقرعة فأيهما حرج سهمه أعتقناه لأن السيد إذا قال: أحدهما ولدي فقد أقر بشيئين لذلك