ضمن وإذا أودعها غيره وصاحبها حاضر عنه سفره ضمن فإن لم يكن حاضراً فأودعها أميناً يودعه ماله لم يضمن".
قال في الحاوي: وهذا صحيح متى ما لم يجد حاكماً ولا ثقة يستودعها إياه فدفنها في الأرض فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون الموضع المدفونة فيه سابلاً لا تحجير عليه يمنع من الوصول، فدفنها في مثله عدوان يوجب الضمان، سوا، أعلم بها أحداً أو لم يعلمه، لأن ما تصل إليه الأيدي معرض للتلف.
والثاني: أن يكون الموضع حصياً حريزاً كالمنازل المسكونة التي لا تصل اليد إليها إلا من أراد، فلا يخلو حاله من أحد أمرين: إما أن يعلم بها أحداً أو لا يعلم بها أحداً، فإن لم يعلم بها أحداً ضمنها، لأنه قد ربما أدركته منيته فلم يوصل إليها، فصار ذلك تغريراً، وإن أعلم بها ثقة مؤتمناً صح، وهل يراعى في الإعلام بها حكم الشهادة أو حكم الائتمان؟ على وجهين:
أحدهما: حكم الشهادة فعلى هذا لا يجزئه أقل من شاهدين عدلين، أو شاهد وامرأتين ويرى الشاهدان ذلك عند دفنه ليصح تحملها لذلك، فإذا فعل ذلك خرج عن التعدي، وسقط الضمان عنه ولم يلزمه أن يأذن للشاهدين من نقلها عند الخوف.
والثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يراعى فيه حكم الائتمان، فعلى هذا يجوز أن يعلم بها واحداً ثقة، سواء كان رجلاً أو امرأة، ويجوز أن لا يراها، وهل يلزمه أن يأذن له في نقلها إن حدث بمكانها خوف أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: يلزمه ذلك لما فيه من فضل الاستظهار، فإن لم يفعل ضمن.
والثاني: لا يلزمه، لما في نقلها من التعريض للأخطار، فإن نقلها المؤتمن عليها على هذا الوجه عند حدوث الخوف بمكانها ففي ضمانه وجهان من اختلافهم على هذا الوجه، هل يكون إعلامه بها يجري مجرى الخبر أو مجرى الأمانة؟ فأحد الوجهين: أنه يجري مجرى الخبر، فعلى هذا لا يجوز له نقلها، فإن نقلها ضمن، ويجوز أن يكون عبداً، وأن يكون بعيداً عنها، وليس له يد عليها.
والثاني: أن يجري مجرى الأمانة، فعلى هذا يجوز له نقلها، ولا يجوز أن يكون عبداً ولا أن يبعد عنها، وتكون يده عليها، فأما إذا دفنها على ما وصفنا مع وجود حاكم مأمون، أو عدل موثوق به يودعها عنده ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز ويضمن إن فعل.
والثاني: يجوز ولا ضمان عليه.
فصل
فأما إذا ترك الوديعة في بيت المال فقد قال الشافعي: "يضمن وليس هذا الجواب