للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الإطلاق؛ واختلف أصحابنا من تأويله، فقال بعضهم: أراد به إذا كان مالكها حاضراً، ولو كان غائباً لم يضمن، وهذا تأويل من قال: لا يجوز دفع الوديعة إلى الحاكم مع وجود صاحبها وقال آخرون: إنما أراد به إذا لم يعلم صاحب بيت المال بها ولمن هي، فإن أعلمه بها ولمن هي لم يضمن، وهذا قول من لا يجوز دفعها إلى الحاكم مع حضور صاحبها.

مسألة (١)

قال الشافعي رضي الله عنه: "وإن تعدى فيها ثم ردها في موضعها فهلكت ضمن لخروجه بالتعدي من الأمانة".

قال في الحاوي: أعلم أن التعدي الذي يجب به ضمان الوديعة فعلى سبعة أقسام:

أحدها: التفريط في الحرز، ذلك مثل أن يضعها في غير حرز أو يكون قد وضعها في حرز، ثم أخرجها إلى ما ليس بحرز، أو يكون قد أعلم بمكانها من أهله من لا يؤمن عليها، فهذا وما أشبهه من التفريط عدوان يجب به الضمان.

والثاني: الاستعمال، مثل أنه يستودعه ثوباً فيلبسه أو دابة فيركبها أو بساطاً فيفترشه فهذا وما شاكله عدوان يجب به الضمان.

والثالث: خلطها بغيرها، وذلك ضربان:

أحدهما: أن يخلطها بمال نفسه، كما لو أودع دراهم فخلطها بدراهم حتى لم تتميز، فهذا عدوان يوجب الضمان، وكذلك لو خلطها بدراهم غير المودع أيضاً.

والثاني: أن يخلطها بمال المودع، كأنه أودع وديعتين من جنس واحد فخلط إحداهما بالأخرى، ففي تعديه وضمانه بذلك وجهان:

أصحهما يضمنها، لأن مالكها لما ميزها لم يرض بخلطها، ولكن لو خلطها بما يتميز منها مثل أن يخلط دراهم بدنانير لم يضمن، إلا أن يكون خلط الدراهم بالدنانير قد نقص قيمته من الدنانير فيضمن قدر النقصان.

والرابع: الخيانة، وهو أن يخرجها ليبيعها، أو لينفقها، فهذا عدوان يجب به الضمان وكذلك لو جحدها.

والخامس: التعرف لها، مثل أن تكون دراهم فيزنها، أو يعدها، أو ثياباً فيعرف طولها وعرضها، ففي تعديه وضمانه بذلك وجهان:

أحدهما: يضمن، لأنه نوع من التصرف.

والثاني: لا يضمن، لأنه قد ربما أراد به فضل الاحتياط.

والسادس: التصرف من بعض ما استظهر به المودع من حرزها وذلك ضربان:


(١) انظر الأم (٣/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>