الثاني: أن لا يعلم منه ظهور نيله يقيناً وقد يجوز أن يخلف ويجوز أن لا يخلف، فقد اختلف أصحابنا فيه هل يجري عليه حكم الموات في جواز إقطاعه وتأييد ملكه بالإحياء أو يجري عليه حكم المعادن؟ على وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يجري عليه حكم الموات في جواز إقطاعه وتأييد ملكه بالإحياء, لأنه من جملة الموات ما لم يتيقن كونه معدناً.
الثاني: أنه يجري عليه حكم المعادن تغليباً لظاهر أمرها ما لم يتيقن كونه مواتاً، والأول أصح والله أعلم بالصواب.
فصل:
وأما ما عمل فيه فضربان:
أحدهما: أن يكون العمل فيه إسلاماً فضربان:
أحدهما: أن يكون عن إقطاع إمام.
والثاني: عن غير إقطاع، فإنه كان قد عمل فيه مسلم بغير إقطاع فإذ ترك العمل عاد إلى أصله في الإباحة وجاز للناس العمل فيه، وفي جواز إقطاعه قولان، وان كان مسلم مقيماً على العمل فيه ففي جواز مشاركة الناس له فيه وجهان من اختلاف أصحابنا هل يكون إذن الإمام شرطاً في تملكه مدة العمل أم لا؟
أحدهما: أنه قد صار أحق به من غيره، وله مع الناس منه، وليس لأحد، مشاركته فيه حتى يقطع العمل وهذا على الوجه الذي لا يجعل إذن الإمام شرطاً في تملكه مدة العمل، وعلى هذا لا يجوز للإمام في مدة عمله أن يقطعه أحداً.
الثاني: أنه فيه وغيره سواء، ولمن ورد إليه أن يشاركه في العمل، وإنما يختص هذا العمل بالموضع الذي قد عمل فيه دون غيره، وهذا على الوجه الذي يجعل إذن الإمام شرها ني تملكه مدة العمل، وعلى هذا يجوز للإمام في مدة عمله أن يقطعه من رأى ويتوجه إقطاع الإمام إلى ما سوى موضع عمله من المعدن، فإذا تطع العمل جاز إقطاع جميعه.
فصل.
فإذ كان قد عمل فيه مسلم بإقطاع إمام لم يجز في مدة العمل أن يشارك فيه، فأما بعد تطع العمل فإن قيل قد استقر ملكه عليه مؤبداً لم يجز أن يعمل فيه أحد بإذنه، ولا أن يجعله الإمام إقطاعا لغيره، ويجوز له أن يبيعه ويهبه، وان مات ورث عنه كسائر أمواله، وإن قيل إن ملكه مقدراً بمدة العمل جاز لغيره أن يعمل فيه وهل يفتقر إلى إذن الإمام أم لا؟ على وجهين مضيا وهل يجوز للإمام إقطاعه أم لا؟ على ما ذكرنا من القولين ولا يجوز له بعد قطع العمل أن يبيعه ولا أن يهبه وان مات لم يورث عنه فأما ني مدة العمل فلا يجوز له بيعه ولا هبته، لأن ملكه غير مستقر لكن ترتفع يده بالهبة ولا ترتفع بالبيع،