والفرق بينهما أن رفع يده في البيع كان مشروطاً بعوض لم يحصل له ولم ترتفع يده وليس كذلك الهبة, ولا يورث عنه بالموت, ويكون لوارثه إتمام ما شرع فيه من العمل وهو فيما يستأنفه كسائر الناس كلهم, هل يلزمه استئذان الإمام فيه بعد تقضي مدة الإقطاع بترك العمل أم لا؟ على وجهين:
فصل:
فإن كان العمل فيه جاهلياً كمعدن عملت الجاهلية فيه ثم وصل المسلمون إليه فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يكون الجاهلي قد تملكه بعمله أو بإحيائه فهذا مغنوم ولا يجوز أن يقطع، ولا أن يستبيحه الناس، ويجري عليه حكم ما استقرت عليه أرضهم من صلح أو غيره.
الثاني: أن يكون الجاهلي لم يتملكه بعمله ولا بإحيائه وإنما استمتع بما فيه وفارقه عفوا فهو في حكم المعادن المباحة إن كان ظاهراً منع من إقطاعه، وان كان بان فعلى قولين:
أحدهما: أنه في حكم العامر من أموالهم لا يجوز إقطاعه ولا استباحته.
والثاني: أنه من حكم المعادن الإسلامية وفي إقطاعها قولان والله أعلم.
قال في الحاوي: اعلم أن الشافعي أواد بهذا الفصل أن جميع ما وصفه من إحياء الموات وإقطاع المعادن وغيرها من الحمى فإنما هو في بلاد الإسلام فقال إنما عنيته في عفو بلاد العرب، يريد بالعفو الموات الذي هو عفو متروك، ويريد ببلاد العرب بلاد الإسلام، لأن بلاد العرب هي دار الإسلام ومنها نشأ ثم قال: الذي عامره عشر يعني لا خراج عليه وإنما هي أرض عشر يؤخذ العشر من زرعها، ولا يؤخذ الخراج من أرضها، ثم قال: وعفوه مملوك، وروى الربيع وعفوه غير مملوك، فاختلف أصحابنا لاختلاف هذه الرواية فكان أبو علي بن أبي هريرة، وأبو حامد المروروزي، وأبو حامد الإسفراييني تنسبون المزني إلى الخطأ في نقله حين قال: وعفوه مملوك، لأنه لو كان مملوكاً ما جاز إحياؤه وان الصحيح ما نقله الربيع وان عفوه غير مملوك ليملك بالإحياء، وكان أبو القاسم الصيمري وطائفة يقولون: كلا الثقلين صحيح، والمراد بهما مختلف، فقول المزني وعفوه مملوك يعني لكافة المسلمين وذلك لم يجز لمشرك أن يحيي مواتاً في بلاد الإسلام، وقول الربيع وعفوه غير مملوك يعني لواحد من المسلمين بعينه، لأن من أحياه