للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه في حكم العامر من أموالهم يقسم بين الغانمين في العنوة.

والثاني: أن تكون الشروط المعتبرة في إيجابها ذاهبة كالدور والمنازل إذا ذهب آلتها واندرست أثارها, فحكم هذا على ما استوفيناه تقسيماً، وحكماً في صدور هذا الكتاب.

الثالث: أن تذهب بعض الشروط المعتبرة في إيجابها ويبقى بعضها عارض الزرع إذا ذهبت مسنياتها وبقي ماؤها أو ذهب ماؤها وبقيت مسنياتها ففيه ثلاثة أوجه.

أحدها: أنه في حكم الموات ما لم يندرس جميع آثاره.

والثاني: أنه في حكم الموات ما لم يبق جميع آثاره.

والثالث: أنه إذا تقادم العهد بجوابها صارت مواتاً، وان قرب العهد لعمارتها فهي في حكم ما كان عامراً.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَمَا كَانَ مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ صُلْحًا، فَمَا كَانَ لَهُمْ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ غَيْرَ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ، فَإِنْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ الْأَرْضَ، وَيَكُونُونَ أَحْرَارًا ثُمَّ عَامَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدُ، فَالْأَرْضُ كُلُّهَا صُلْحٌ، وَخُمُسُهَا لِأَهْلِ الْخُمُسِ، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِجَمَاعَةِ أَهْلُ الْفَيْءِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ مَوَاتٍ فَهُوَ كَالْمَوَاتِ غَيْرِهِ، فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى عَامِرِهَا وَمَوَاتِهَا كَانَ الْمَوَاتُ مَمْلُوكًا لِمَنْ مَلَكَ الْعَامِرَ، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَوَاتِ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا حَازَهُ رَجُلٌ".

قال في الحاوي: قد ذكرنا أن ما انتقل إلينا من بلاد المشركين ضربان: عنوة وصلحاً, فأما بلاد العنوة فقد ذكرنا حكمها، وأما بلاد الصلح فضربان.

أحدهما: أن يعقد الصلح فيها على بقاء ملكهم عليها وأن يؤووا عنها خراجاً فهذا جزية تسقط عنهم بإسلامهم, وهو في العامر والموات على ما كانوا عليه قبل الصلح.

الثاني: أن يعقد الصلح معهم على أن رقاب أرضهم ملكاً للمسلمين وتقر في أيديهم بخراج بادوه عنها، فهذا خراج أجرة لا تسقط عنهم بإسلامهم، ويكون الخراج في الموضعين مصروفا في أهل الفيء، فأما مواتهم فلا يخلو أن يضم إلى العامر في الصلح أو بعقل، فإن أعقل ولم يذكر فهو في حكم الموات في بلاد المسلمين، وأرضهم إلى العامر في ملك المسلمين له صار في حكم ما غنم من مواتهم إذا منعوا منه يكون أهل الفيء أولى به، وهل يكونوا أولى به يدا أو ملكاً؟ على وجهين:

أحدهما: أنهم أولى به يداً، فإن أحياه غيرهم من المسلمين ملك.

والثاني: أنهم أولى به ملكا فإن أحياه غيرهم لم يملكوا، تعلقاً بظاهر قول

<<  <  ج: ص:  >  >>