للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه يصير إلى بيت المال إرثًا لا فيئًا وهكذا من مات وليس له وارث صار ماله إلى بيت المال ميراثًا وقال بعض الناس يكون فيئًا لا ميراثًا لأمور.

منهما: أنه لو كان ميراثًا لوجب صرفه إلى جميع المسلمين دون بعضهم ولوجب أن يفضل فيه الذكر على الأنثى ولا يفرد به أهل عصر الميت دون من تأخر، وفي جواز ذلك كله دليل على أن فيء لا ميراث ودليلنا قوله تعالى: {والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١] فكانت الموالاة بينهم تمنع من أحكام من خالفهم ولأن بيت المال يعقل عنه فوجب أن يكون انتقال ماله إليه بالموت ميراثًا كالعصبة، ولأنه مال مسلم فلم يجز أن يكون انتقاله إلى بيت المال فيئًا كالزكاوات.

وأما الجواب عن استدلالهم فهو أن تعيين الوارث يقتضي ما ذكروه وإذا لم يتعين لم يقتضيه.

فصل: فإذا ثبت أن بيت المال أحق إذا كان موجودًا يصرف الإمام العدل أمواله في حقوقها فأما إذا كان بيت المال معدومًا بالجور من الولاة وفساد الوقت وصرف الأموال في غير حقوقها والعدول بها عن مستحقيها يوجب توارث ذوي الأرحام ورد الفاضل على ذوي السهام وهذا قول أجمع عليه المحصلون من أصحابنا وتفرد أبو حامد الإسفراييني ومن جذبه الميل إلى رأيه فأقام على منع ذوي الأرحام والمنع من رد الفاضل على ذوي السهام استدلالًا بأن ما ينصرف إلى بيت المال مستحق في جهات باقية إذا عدم بيت المال لم يبطل استحقاق تلك الجهات ووجب صرف ذلك المال فيها كالزكوات التي لم تسقط بعدم بيت المال ووجب صرفها في جهاتها، وهذا الذي قاله فاسد من ثلاثة أوجه:

أحدهما: ما يستحق صرفه من بيت المال في جهات غير معينة وإنما يتعين باجتهاد الإمام فإذا بطل التعيين سقط الاستحقاق وإن علم أن الجهة لا تعدم كالعربي إذا مات علمنا أن له عصبة ذكورًا غير أنهم إذا لم يتعينوا سقط حقهم وانصرف ذلك إلى غير جهتهم وكذلك جهات بيت المال إذا لم يتعين سقط حقها وانصرف ذلك إلى غيرها وليس كذلك الزكوات لتعين جهاتها وقطع الاجتهاد فيها فلم يسقط حقها مع التعين وإن عدم من كان يقوم بمصرفها.

والثاني: أن مال الزكاة له من يقوم بصرفه من جهاته إذا عدم القيم من الولاة وهم أرباب الأموال فلزمهم القيام بذلك ما كان لازمًا للولاة وليس المال الميت من يقوم بصرفه في هذه الجهات وليس يجوز أن يستحق مال بجهة لا تتعين بوصف ولا باجتهاد باطن لما فيه من تضييع المال عن جهته فاعلمه.

والثالث: أن بيت المال إنما كان أحق بميراثه من ذوي الأرحام، لأن بيت المال يعقل عنه فصار ميراثه له فلما كان عدم بيت المال يسقط العقل عنه وجب أن يسقط

<<  <  ج: ص:  >  >>