الميراث منه، وإذا كان ما ذكرناه ثابتًا وكان توريث ذوي الأرحام عند عدم بيت المال وجبًا فهكذا رد الفاضل عن ذوي السهام، وسنذكر كيفية توريثهم والرد على ذوي الفروض في باب ذوي الأرحام في هذا الكتاب فإن في ذلك دقة واستصعابًا ولعلها هي الصارفة لمن منعهم الميراث عند عدم بيت المال.
قال في الحاوي: وهذا كما قال الكافر لا يرث المسلم والمسلم لا يرث الكافر وهو قول الجمهور. وحكي عن معاذ بن جبل ومعاوية أن المسلم يرث الكافر ولا يرث الكافر المسلم وبه قال محمد ابن الحنفية وسعيد بن المسيب ومسروق النخعي والشعبي وإسحاق بن راهوية استدلالًا بما روي عن معاذ أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الإسلام لا يزيد ولا ينقص" قالوا: وكما يجوز للمسلم أن ينكح الذمية ولا يجوز للذمي أن ينكح المسلمة، ولأن أموال المشركين يجوز أن تصير إلى المسلمين فهذا أولى أن تصير إليهم إرثًا، ولا يجوز أن تصير أموال المسلمين إلى المشركين قهرًا فلم يجز أن تصير إليهم إرثًا.
ودليلنا رواية علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم".وروي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتوارث أهل ملتين".
وروي عن الزهري قال: كان لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فلما ولي معاوية رحمه الله تعالى ورث المسلم من الكافر وأخذ بذلك الخلفاء حتى قام عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فراجع السنة الأولى ثم أخذ بذلك يزيد بن عبد الملك فلما قام هشام بن عبد الملك أخذ بسنة الخلفاء، ولأن كل ملتين امتنع العقل بينهما امتنع التوارث بينهما كالكافر والمسلم، ولأن التوارث مستحق بالولاية وقد قطع الله الولاية بين المسلم والذمي فوجب أن ينقطع به التوارث ولأن بعدما بين المسلم والذمي أعظم مما بين الذمي والحربي فلما لم يتوارث الذمي والحربي لبعد ما بينهما كان أولى أن لا يتوارث المسلم والذمي، فأما قوله صلى الله عليه وسلم:"الإسلام يزيد ولا ينقص" ففيه تأويلان وكل واحد منهما جواب