للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن الإسلام يزيد بمن أسلم من المشركين ولا ينقص بالمرتدين.

والثاني: أن الإسلام يزيد بما يفتح من البلاد.

وأما النكاح فغير معتبر بالميراث ألا ترى أن المسلم ينكح الحربية ولا يرثها، وقد ينكح العبد الحرة ولا يرثها، وأما أخذ أموالهم قهرًا فلا يوجب ذلك أن تصير إلينا إرثًا، لأن المسلم لا يرث الحربي وإن غنم ماله وهم يقولون إنه يرث الذمي ولا يغنم ماله فلم يجز أن يعتبر أحدهما بالآخر.

فرع: فإذا ثبت أنه لا يتوارث أهل ملتين فقد اختلفوا في الكفر هل يكون كله ملة واحدة أو يكون مللًا فمذهب الشافعي أن الكفر كله ملة واحدة وإن تنوع أهله وبه قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبه.

وقال مالك: الكفر ملك فاليهودية ملة، والنصرانية ملة والمجوسية ملة وبه قال من الصحابة على بن أبي طالب عليه السلام.

ومن التابعين: الحسن البصري وشريح.

ومن الفقهاء: الزهري والثوري والنخعي استدلالًا بما أخبر الله تعالى من التقاطع بينهم حيث يقول في حكايته عنهم: {وقَالَتِ اليَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُودُ عَلَى شَيءٍ} [البقرة: ١١٣] وتقاطعهم يمنع من توارثهم، ولأن اختلاف شرائعهم يوجب اختلاف مللهم، ولأن ما بينهم من التباين كالذي بين المسلمين وبينهم من التباين فاقتضى أن تكون مللهم مختلفة.

ودليلنا قوله تعالى: {والَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] وقال الله تعالى: "ولَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ ولا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ" [البقرة: ١٢٠] فجمعهما. وروي عمرو بن مرة عن أبي البختري الطائي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الناس خير وأنا وأصحابي خير" ولأنهم مشتركون في الكفر وإن تنوعوا كما أن المسلمون مشتركون في الحق وإن تنوعوا وليس التباين بينهم بمانع من توارثهم كما يتباين أهل الإسلام في مذاهبهم ولا يوجب ذلك اختلاف توارثهم، لأن الأصل إسلام أو كفر لا ثالث لهما.

فرع: فإذا ثبت أن الكفر كله ملة واحدة فقد اختلف الناس في كيفية توارثهم فمذهب الشافعي أن أهل الذمة يتوارثون منهم وأهل العهد بعضهم من بعض على اختلاف ديارهم وأهل الحرب يتوارثون بعضهم من بعض وإن اختلفت ديارهم ولا توارث بينهم أهل الذمة.

وقال أبو حنيفة: لا توارث بين أهل الذمة وأهل الحرب وكذلك أهل العهد لا

<<  <  ج: ص:  >  >>