للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: مثل الإنسان ستة أقدام ونصف بقدمه، فإذا أردت أن تقدر المثل، فقدر الزيادة من التي بقدمك، وذلك بأن تقف في موضع مستو من الأرض، وتعلم على الموضع الذي انتهى إليه فيه، وتعرف قدر ما زالت عليه الشمس، وتقدر فيه بالأقدام، فيضع قدمه اليمنى بين يدي قدمه اليسرى، فيلصق عقبيه بإبهامه اليسرى، فإذا مسحه بالأقدام أسقط منه القدر الذي زالت عليه الشمس، فإذا بلغ الباقي ستة أقدام ونصف فقد بلغ المثل، وبهذا قال الأوزاعي والليث والنووي والحسن بن صالح وأحمد وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور.

وروي هذا عن مالك وقال: بعضهم وقت الظهر إذا من حين الزوال إلى غروب الشمس ووقت العصر من حين يصير ظل كل شيء مثله إلى الغروب فما بين الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله مختص بالظهر، والباقي في الغروب مشترك بين الظهر والعصر. وبه قال عطاء وطاوس [٥ ب/ ٢] وهو رواية ابن وهب عن مالك، وحكى ابن جريج عن عطاء، قال: لا يفرط بتأخيرها حتى تدخل الشمس في الصفرة.

وقيل عن مالك: آخره إذا بقي إلى غروب الشمس قدر أربع ركعات، ووقت الاختيار عنده نحو قولنا.

وقال ابن جرير وابن المبارك وإسحق ابن راهويه: إذا صار ظل كل شيء مثله فقد دخل وقت العصر، ولم يخرج وقت الظهر إلى أن يمضي من الوقت بمقدار ما يصلى فيه أربع ركعات، ثم يخرج وقت الظهر، ويكون باقي النهار إلى الغروب من وقت العصر. وحكى ابن جرير هذا عن مالك.

وقيل: إنه اختيار المزني وأبو ثور، واحتجوا بأنه روي: أن جبريل عليه السلام "صلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول "، وهذا غلط، لأن الوقت الواحد لا يجوز أن يكون مشتركاً بين صلاتين كسائر الأوقات.

وأما الخبر فالمراد بقوله: "صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله "، أي: ابتداؤها. "وفي اليوم الثاني صلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله " أراد فرغ منها لأن الخبر سبق لبيان الأوقات وتحديد أوائلها وأواخرها، بدليل قوله: في آخره "الوقت فيما بين هذين الوقتين "، فلو كان الأمر على ما قالوه لبقي الإشكال في أمر الأوقات، لأن الصلاة تطول في العادة وتقصر، والذي يوجب حمله على هذا ما روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ووقت

<<  <  ج: ص:  >  >>