للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفصل

جملة هذا أن الكتابة تشتمل على معاوضة، وصفة المعاوضة قوله: كاتبتك على كذا وكذا، والصفة قوله، فإذا أديت إلى ذلك فأنت حر، فإن ذكرهما جميعًا فهو النهاية، وإن ذكر المعاوضة ونوى الصفة بقلبه جاز. قال الشافعي رضي الله عنه: يقول فإذا أديت هذا فأنت حر، أو يقول بعد ذلك، قولي: كاتبتك كان معقودًا على أنك إذا أديت فأنت حر كما لا يكون الطلاق إلا بتصريح أو ما يشبهه مع النية، فإن لم يذكره ولم ينوه لا يصح، وقد ذكرنا حكم قوله: دبرتك وكاتبتك هل هما صريحان أم كناية؟ وقال أبو إسحاق قوله: دبرتك جعله الشافعي صريحًا في العتق من العالم ولو كان من المجاهل كان كناية، وقوله: كاتبتك جعله كناية من الجاهل، ولو كان من عالم كان صريحًا فجعلهما صريحين من العالم كنايتين من الجاهل وهذا فاسد لأن صريح الطلاق وكنايته سواء في حق العالم والجاهل كذلك هذا، وقال أبو حنيفة وأحمد قوله: كاتبتك صريح في عقد الكتابة، ولا يحتاج إلى التقيد ولا إلى النية وهذا لا يصح لما ذكرنا، وقال القفال، قال بعض أصحابنا: إذا ذكر ما تتميز به الكناية عن المخارجة كفاه مثل أن يقول: أعاملك وتعاملني أو أضمن لك أرش الجناية أو تستحق علي الإيتاء من الذي يؤدي وعن سهم الرقاب.

مسألة: قال: ولا يجوز على العوض حتى يكون موصوفًا كالسلم.

وقد ذكرنا [٤٩/ أ] ذلك، واعلم أن ههنا إشكالاً وذلك أن مشايخنا قالوا: المعقود عليه في الكتابة رقبة المكاتب وعند أبي حنيفة الاكتساب، فإذا كاتبه على العوض فوجوب العوض على معنى السلم إذ لا يتصور في الذمة عوض من غير ضوات الأمثال إلا في السلم وفي السلم يعتبر رأس المال في المجلس والرقبة ما صارت مسلمة إليه في المجلس لأن تسليم الرقبة بالعتق، فبان أن الكتابة تنعقد على الإكساب، قلنا: هذا السؤال يتوجه على المذهبين لأن الإكساب ما صارت مسلمة في المجلس إذا المنافع غير مخلوقة، فإن قيل: التخلية الموجودة في الحال جعلت كالمنافع المستقبلة في حكم الموجودة المسلمة للضرورة التي بنيت عليها عقود المنافع، قلنا: ولمثل هذه الضرورة جعلت الحيلولة بين الرقبة في البيع والرهن وسائل التصرفات كالتسليم، ولهذه الضرورة باينت الكتابة سائرها حتى جاز للرجل أن يعامل نفسه بملك نفسه.

مسألة: قال: «ولا بأس أن يكاتبه على خدمة شهر ودينار بعد الشهر».

الفصل

صورة المسألة أن يكاتب عبدًا على أن يخدمه شهرًا ويؤدي دينارًاه بعد الشهر وأراد الشافعي أن تكون خدمة الشهر متصلة بعقد الكتابة فإن شرط تأخيرها لا يجوز، وإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>