شرط اتصالها فقد عقدت الكتابة على نجمين مختلفين المنفعة والدينار، ولا بد أن يكون كل واحد منهما معلومًا، فالمنعفة تعلم بأن يقول: تخدمني شهرًا، أو تخيط أو تبني والدينار يعلم بما ذكرنا، وأطلق الشافعي أنه إذا كان [٤٩/ ب] على هذا الوجه فلا بأس، واختلف أصحابنا في هذا، فقال أبو إسحاق: إنما يصح إذا جعل بين وقت أداء الدينار وانقضاء الشهر مدة، فيقول: تؤديه بعد الشهر بيومين أو ثلاثة، فأما إن شرط الأداء عقيب الشهر فلا يجوز لأن استيفاء المنفعة يتصل بالعقد والدينار يتصل استيفاؤه باستيفاء المنافع فيصير ذلك في معنى النجم الواحد، فلا يجوز كما لو كاتبه على خدمة شهر ودينار يؤديه إليه في أثناء الشهر لا يجوز، وهذا اختيار القاضي أبي حامد، ومن أصحابنا من قال: المسألة على ظاهرها ولا يحتاج أن يجعل بين الشهر والدينار مدة لأنه يعتبر أن يختلف استحقاق النجمين واستحقاقهما مختلف لأن المنافع تستحق عقيب الكتابة والدينار يستحق بعد انقضاء الشهر، وإنما استيفائهما يتصل، وهذا غير ممتنع. ألا ترى أنه لو كاتبه على دينارين: دينار بعد شهر ودينار بعد شهرين فأخر المطالبة بالدينار الأول حين حل الدينار والثاني: يستوفي الديناران بمرة واحدة، ولا يؤثر ذلك لأن وقت استحقاقهما مختلف، وهذا القائل يلتزم ما استشهد به أبو إسحاق، فقال: إذا قال: كاتبتك على خدمة شهر ودينار تؤديه في أثناء الشهر جاز أيضًا للمعنى الذي ذكرنا وهو أن وقت استحقاق النجمين مختلف، وهذا اختيار أبي حامد وهو الأصح لأن الشافعي نص في «الأم» على هذا، فقال: إذا كاتبه على منفعة شهر لم يجز حتى يشترط أن يؤدي مالا، إما معها أو بعدها وهذا اختيار [٥٠/ أ] ابن أبي هريرة، والقفال أيضًا، وقال القاضي أبي حامد قوله: معها نقله الربيع، وهذا خطأ منه، فإن قيل: الخدمة نجم حال، وذلك لا يجوز على مذهب الشافعي حتى لو كاتبه على دينارين: دينار عقيب العقد، ودينار بعد شهر لم يجز، قيل: نحن إنما منعنا الكتابة الحالة للعجز عن التسليم عقيب العقد، وإذا شرطنا التنجيم ولا بد منه، وإذا شرط عقيب العقد دينارًا فهو عاجز عقيب العقد عنه، وإذا شرط خدمة شهر، فهو قادر على الخدمة والاعتبار بالمعنى لا باللقب والحلول لقب، وقال أبو إسحاق وغيره هذا نجم مؤجل في الحقيقة لأن الخدمة تتعلق بمضي المدة، وإنما نقول: المنفعة في الإجارة مقبوضة حكمًا على معنى أن للمستأجر التصرف فيها، والعقد عليها، ولم يحصل فيها حقيقة القبض، ألا ترى أنه لو تلفت انفسخ العقد فيما بقي.
فرع
قال في «الأم»: ولو كاتبه على خدمة شهر ودينار بعد الشهر فمرض في أثناء الشهر مدة بطلت الكتابة، قال أصحابنا: هذا مبني على مسألة في البيع وهي أن من باع