شيئين فتلف أحدهما قبل القبض، فالعقد باطل في التالف، وهل يتعدى إلى الباقي طريقان، والشافعي رضي الله عنه نص ههنا أنه يتعدى، وقال القاضي الطبري: ههنا قول واحد على ما نص عليه لأن عقد الكتابة لا يقع على بعض العبد فإذا انفسخ في بعضه انفسخ في كله.
فرع آخر
قال: وليس له ان يعطيه أحد الخدمة مكانه، ولا عليه إن أراد السيد ذلك [٥٠/ ب] كما لو استأجر حرًا على أن يخدمه فمرض في الشهر لم يكن عليه ولا له أن يخدمه غيره وانقضت الإجارة، وقال مالك: لا تجوز الكتابة على الخدمة أصلا.
مسألة: قال: وإن كاتبه [على أن يخدمه] بعد شهر لم يجز لأنه قد يحدث ما يمنعه العمل بعد الشهر وليس بمضمون يكلف أن يأتي بمثله.
قد ذكرنا هذه المسألة ومعنى هذا الكلام أن الإجارة على العين تجري مجرى بيوع الأعيان ولا يجوز بيع عين وتسليمها مؤخر ولذلك قلنا: إذا أكرى داره في رمضان لشوال لا يجوز.
مسألة: قال في «الأم»: لو كاتبه على أن يخدمه شهرًا حين كاتب وشهرًا بعد ذلك لم يجز لأنه ضرب للخدمة أجًلا لا يكون على المكاتب فيه خدمته.
فرع آخر
قال: ولو كاتبه على أن يخدمه شهرًا حين يكاتبه ثم يوفيه لبنًا أو حجارة أو طينًا معلومًا بعد شهر جاز وهذا أجل للمال، ولو قال: على أن يخدمني شهرًا وخياطة كذا وكذا عقيب الشهر جاز لأنه بمنزلة قوله: «كاتبتك على خدمة شهر ودينار بعده».
فرع آخر
قال: ولو كاتب على أن يضمن له بناء دار وصفها وسمى معه دينارًا يعطيه إياه قبله أو بعده كان جائزًا لأن هذا عمل يكلف فعله ما يكلف المال ومعه نجم غيره، وكذلك إن كاتبه على ضمان بناء دارين، إحداهما في وقت كذا والأخرى في وقت كذا، كانت هذه كتابة جائزة وليس هذا كالعمل بيده إلى أجل معلوم لأنه إذا كاتب أو استأجر حرًا على أن يعمل [٥١/ أ] بيده لم يكلف أن يأتي بغيره يعمل له، وإذا ضمن عملا كلف أن يوفيه إياه بنفسه أو غيره.
مسألة: قال: «وإن كاتبه على إن باعه شيئًا لم يجز».
علل الشافعي في هذه المسألة، فقال: لأن البيع يلزم بكل حال، والكتابة لا تلزم متى شاء تركها.