للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمهور أصحابه أن لها المهر سواء كانت حرة أم أمة، لأنه غاية النكاح مدة الحياة فإذا حدث الموت فقد انقضت مدة العقد فاستحقت بها جميع المهر.

وقال أبو سعيد الاصطخري: إن كانت حرة فلها جميع المهر وإن كانت أمة فلا شيء لها وفرق بينهما بأن الحرة في قبض الزوج، لأنها مخيرة على المقام معه، فإذا ماتت استحقت جميع المهر، كالسلعة إذا تلفت بعض قبض المشتري لها استحق عليها، ثمنها والأمة قبل الدخول في قبض السيد دون الزوج، لأنها لا تخير على المقام معه إلا باختيار السيد، فلم تستحق بالموت قبل الدخول مهراً كالسلعة إذا بلغت في يد بائعها سقط عن المشتري ثمنها.

فصل:

وإن كان هلاكها بالقتل دون الموت فهو على ضربين:

أحدهما: أن تكون هي القاتلة.

والثاني: أن يقتلها غيرها فإن قتلها غيرها فضربان:

أحدهما: أن يقتلها الزوج فعليه مهرها حرة كانت أو أمة باتفاق جميع أصحابنا، لأن الحرة كالمقبوضة والأمة وإن كانت في حكم غير المقبوضة فقد استهلكها مستحق قبضها فلزمه مهرها كما يلزم مشتري السلعة إذا استهلكها في يد بائعها جميع ثمنها ويصير الاستهلاك قبض كذلك القتل.

والثاني: أن يقتلها أجنبي غير الزوج فحكم قتله لها في حق الزوجية حكم الموت فيكون لها المهر على مذهب الشافعي حرة كانت أو أمة وعلى مذهب أبي سعيد الاصطخري يكون لها المهر إن كانت حرة ولا يكون لها المهر إن كانت أمة، وإن كانت هي القاتلة لنفسها فقد قال الشافعي في الأمة: "إنه لا مهر إذا قتلت نفسها أو قتلها غيرها".

وقال في الحرة: إن لها المهر إن قتلت نفسها، فاختلف أصحابنا لاختلاف النص فيهما على وجهين:

أحدهما: وهو قول أبي العباس بن سريج: أن اختلاف النص في الموضعين يوجب فأسقط مهرها كالرد والرضاع.

وبه قال أبو حنيفة: لأنها فرقة وقعت بالموت وخالفت الرضاع والردة، لما فيهما من التهمة لاختيار الفرقة، وأنه ليس في القتل تهمة باختيار الفرقة.

والثاني: هو قول أبي إسحاق المروزي وأبي سعيد الإصطخري وأبي حامد المروروزي - أن الجواب على ظاهره فتكون لها المهر إن كانت حرة، ولا يكون لها المهر

<<  <  ج: ص:  >  >>