والثاني: أنه لا يفتقر إلى انقضاء لأجل ويصح الرضا قبله وبعده لأن الأجل مضروب لظهور العنة فكانت الرضى بها مبطلًا للأجل المضروب لها وإذا بطل الأجل لزم العقد.
والرضى إن كان في غير مجلس الحاكم لأنه لا يكون إلا بصريح القول وكان أيضًا بأن يعرض الحاكم عليها الفسخ ولا تختار فيكون تركها للاختيار للفسخ رضا منها بالمقام والله أعلم.
قال في الحاوي: وصورتها في عنين أجل لزوجته ثم رضيت بعد الأجل بعنته فطلقها ثم راجعها في العدة فسألت بعد رجعته أن يؤجل لها ثانية لم يجز لأن المرتجعة زوجة بالنكاح الأول وقد أجُل فيه مدة فرضيت فلم يجز أن يؤجل ثانية لأنه عنت إذا رضيت به في نكاح لزم كما يلزمها إذا رضيت بجبه وجنونه وهو بخلاف الإعسار بالنفقة إذا رضيت به في نكاح ثم عادت فيه تطلب الفسخ كان لها لأن الإعسار ليس يلزم وقد ينتقل منه إلى يسار كما ينتقل من يسار إلى إعسار وخالف العنة التي ظاهر حالها الدوام.
فأما المزني فإن اعترض على الشافعي في هذه المسألة اعتراضًا موجهًا فقال: قد تجتمع الرجعة والعنة في نكاح واحد وهو إن وطئها يثبت الرجعة في نكاح واحد وسقطت العنة وإن لم يطأ ثبتت العنة وبطلب الرجعة والعنة فاختلف أصحابنا في الجواب فيه على ثلاث طرق:
أحدها: وهو قول أبي حامد المروروزي: أن المسألة خطأ من الناقل لها عن الشافعي رحمه الله فنقل ما ليس من قوله أو سها عن شرط زيادة جل من نقله فأوردها المزني كما وجدها في النقل لها عن الشافعي واعترض عليها هو بما هو صحيح متوجه.
والثاني: أن الشافعي فرع هذه المسألة في الجديد على مذهبه في القديم أن الخلوة يكمل بها المهر ويجب بها العدة. فصحت معها الرجعة ولم يسقط بها حكم العنة وهذا الجواب غير سديد من وجهين:
أحدهما: أن تفرعه في كل زمان إنما هو على موجب مذهبه فيه فلا يصح أن يفرع في الجديد على مذهب قد تركه وإن كان قائلًا به في الجديد.