والثاني: أن أبا حامد المروروزي قال: وحدث الشافعي في القديم: أن الخلوة يكمل بها المهر ولا يجب بها العدة فبطل أن يصح معها الرجعة.
والثالث: وهو جواب الأكثرين من أصحابنا أنه قد يمكن على مذهب الشافعي رضي الله عنه في الجديد أن تجب العدة وتصح الرجعة ولا يسقط حكم العنة وذلك من وجوه:
أحدها: أن يطأ في الدبر فيكمل به المهر ويجب به العدة وتصح فيه ولا يسقط حكم العنة.
والثاني: أن يطأ في القبل فيغيب بعض الحشفة ويترك ماءه فيه فتجب به العدة ويكمل به المهر ولا يسقط حكم العنة لأنه إنما سقط بتغيب جميع الحشفة.
والثالث: إن استدخل ماءه من غير وطء, فيجب به العدة ويستحق معه الرجعة ولا يسقط به العنة وفي هذا عندي نظر لكن قد قاله أصحابنا وفرعوا عليه فقالوا: لو أنزل قبل نكاحها واستدخله بعد نكاحها لم تعتد منه, لأنها في حال الإنزال لم تكن زوجة وإن صارت وقت الإدخال زوجة فإنما أوجبوه فيه العدة وألحقوا منه الولد إذا كانت في حالتي إنزاله واستدخاله زوجة.
فصل:
فأما إذا طلقها بعد لأجل والرضا طلاقًا أبانت منه ثم استأنف نكاحها بعقد جديد فسألت: أن تؤجل فيه العنة ففيه قولان:
أحدهما: قاله في القديم لا يجوز أن يؤجل لها ثانية وإن كان في عقد ثانِ كما لا يجوز في نكاح واحد وهكذا لو أنها فسخت نكاحه الأول بالعنة من غير طلاق ثم تزوجته لم يؤجل لها في النكاح الثاني لأن علمها بعنته كعلمها بجذامه وبرصه وهي لا تجوز إذا نكحته بعد العلم به أن تفسخ فكذلك في العنة.
والثاني: قاله في الجديد: أنه يؤجل لها في النكاح الثاني لأن لكل عقد حكم بنفسه وليست العنة من العيوب اللازمة وقد يجوز زوالها فجرى مجرى الإعسار بالنفقة التي يرجى زوالها ويعود استحقاق الفسخ بها ولكن لو أصابها في النكاح الأول فسقط بإصابته حكم العنة ثم طلقها فتزوجها ثم حدثت به العنة في النكاح أجل لها قولًا واحدًا لأن حكم عنته الأولى قد ارتفع بإصابته فصارت مستأنفة لنكاح من ليس بعنين فإذا ظهرت به العنة أجل, والله أعلم.