وروي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عمن طلق امرأته مائة طلقة فقال: ثلاثة لها وأقسم الباقي على نسائها.
ومن القياس أنه طلاق وقع في طعم لم يجامعها فيه فوجب أن يكون مباحًا كالطلقة الأولى, ولأن كل طلاق جاز تفريقه جاز جمعه, أصله طلاق الزوجات يجوز أن يجمعهن في الطلاق وأن يفرقهن.
ولأن كل طلاق جاز تفريقه في الأطهار جاز إيقاعه في طهر, أصله إذا طلق في طهر ثم راجع فيه ثم طلقها فيه ثم راجع وثم طلقها فيه ثم راجع.
ولأن الثلاث لفظ يقطع الرجعة فجاز إيقاعه في طهر لا جماع فيه كالواحدة بعد اثنتين أو كالخلع.
فأما الجواب عن قوله تعالى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} فمن وجهين:
أحدهما: أن المقصود به عدد الطلاق, وأنه ثلاث وأنه يملك الرجعة بعد اثنتين ولا يملكها بعد الثالثة حتى تنكح زوجًا غيره ولم يرد به تفريق الطلاق أو جمعه.
والثاني: أن قوله: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} يقتضي في وقت واحد لا في وقتين كما قال تعالى: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: ٣١] يعني أجرين في وقت واحد, لا في وقتين.
وهم يحرمون وقوع الطلقتين في وقت كما يحرمون وقوع الثلاث.
وأما الجواب عن الاستدلال بحديث ابن عمر, فهو أنه لم يطلق إلا واحدة في الحيض وقول النبي صلى الله عليه وسلم لو طلقتها ثلاثًا كنت قد أبنت امرأتك وعصيت ربك, يعني بإيقاعهن في الحيض لا بالجمع بينهن.
وأما أمره له في الخبر الثاني أن يطلق في كل طهر واحدة فعلى طريق الاستحباب والندب.
وأما الجواب عن حديثه البراء بن عازب فمن وجهين:
أحدهما: أن الدارقطني رواه وذكر أنه ضعيف مجهول الراوي.
والثاني: أن قوله: طلقها على غير السنة؛ لأنه طلقها ألفًا وهو لا يملك إلا ثلاثًا.
وأما الجواب عن استدلالهم بالإجماع فهو غير منعقد بمن ذكرنا خلافه من الصحابة وقد اختلفت الرواية عن ابن عباس, روى سعيد بن جبير أن رجلًا أتى ابن عباس فقال: إني طلقت امرأتي ألفًا فقال: أما ثلاث فتحرم عليك امرأتك, وبقيتهن وزرًا اتخذت آيات الله هزوًا.
وأما الجواب عن قياسهن عن اللعان فمن ثلاثة أوجه:
أحدهما: أن الفرقة لا تقع على قولهم باللعان حتى يوقها الحاكم فلم يجز أن يكون أصلًا لما يوقع الفرقة.
والثاني: أن عدد اللعان لا يصح مجموعة فوجب تفريقه, والطلاق يصح مجموعة فلم يجب تفريقه.