ووطء اعتدت من الطلقة الثالثة, وإن راجع ولم يطأ فعلى ما مضى من القولين.
والثالثة: أن تكون صغيرة قد دخل بها فتطلق في الحال واحدة, فإن لم يراجعها حتى مضت أربعة أشهر فقد بانت بها, وإن راجع قبل مضي ثلاثة أشهر ولم تطلق بعد رجعته ما لم تحض؛ لأنه قد وقع طلاقها فيه, فإذا حاضت ثم طهرت طلقت ثانية, فإذا حاضت ودخلت في الطهر الثاني طلقة ثالثة وحرمت عليه إلا بعد زوج والكلام في العدة عليها مضى.
والرابعة: أن تكو مؤيسة فتطلق في الحال واحدة كالصغيرة, فإن لم يراجعها حتى مضت ثلاثة أشهر فقد انقضت عدتها وبانت, ولو تزوجها لم يعد الطلاق قولًا واحدًا؛ لأنها في طهر قد وقع طلاقها فيه, وإن راجعها كانا على النكاح ولا تطلق بالطهر بعد الرجعة؛ لأنه هو الطهر الذي وقع فيه الطلاق الأول ولا يتصور مع الإياس أن تحيض, فإن حاضت فهي غير مؤيسة فتطلق إذا طهرت من حيضها طلقة ثانية, ثم تطلق ثالثة في طهر إن كان لها بعد حيضة أخرى.
فرع: في تعليق الطلاق بالطهر
وإذا قال لها وهي حائض: إذا طهرت فأنت طالق طلقت بعد انقطاع دمها بدخولها في أول الطهر, سواء انقطع دمها لأقل الحيض أو لأكثره, وسواء اغتسلت أو لم تغتسل, ويكون طلاق سنة, ولو قال لها وهي طاهر إذا طهرت فأنت طالق, لم تطلق في هذا الطهر حتى تدخل في طهر مستقبل, وذلك بأن تحيض بعد الطهر ثم تطهر فتطلق بدخولها في أول الطهر الثاني؛ لأن لفظة إذا موضوعة للمستقبل, ألا تراه لو قال يا زيد إذا جئتني فلك دينا وهو عنده لم يستحق الدينار حتى يستأنف المجيء إليه بعد هذا القول, ولكن لو قال لها إن كانت طاهرًا فأنت طالق, فإن كانت في الحال طاهرًا طلقت, وإن كانت حائضًا لم تطلق في الحال إلا إذا طهرت؛ لأنه جعل وجود طهرها في الحال شرطًا في وقوع الطلاق ألا تراه لو قال لها: إن كنت في الدار فأنت طالق فكانت في غير الدار لم تطلق بدخول الدار, ولو قال لها: إذا طهرت طهرًا فأنت طالق فإن كانت في الحال حائضًا, فإذا مشى عليها بعد هذا الحيض طهر كامل ودخلت في أول الحيضة الثانية طلقت وكان طلاق بدعة لوقوعه في الحيض, وإن كانت في الحال طاهرًا فإذا مضى بقية طهرها وحيضة بعدها ثم طهر كامل ودخلت في أول الحيضة الثانية طلقت وكان طلاق بدعة, وإنما كان كذلك, لأن قوله إذا طهرت طهرًا يقتضي كمال طهر مستقبل, ولو قال لها أنت طالق في طهرك, فإن كانت في تلك الحال طاهرًا طلقت, وإن كانت حائضًا طلقت إذا طهرت فيقع الطلاق في هذا بالطهر في الحال وبالطهر المستقبل وإذا وقع الطلاق بالطهر في الحال لم يقع بالطهر المستقبل؛ لأن وجود الشرط قد (استوفى) حكمه.