للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سعيد بن المسيب في المستحاضة التي استمرّ بها الدم إما دائمًا, وإما يومًا دمًا ويومًا طهرًا: تتربص تسعة أشهر ثم ثلاثة أشهر فذلك سنة, ثم تنكح؛ لأنه يحتمل أن جميع دمها دم فساد فتصير كامرأة تراخى حيضها وقد حكم رضي الله عنه في التي تراخى حيضها بهذا فقاس سعيد بن المسيب على هذه, فنقول: حديث عمر رضي الله عنه متأول على ما سنذكره, وأما هذه فإنها لا تزال [ق ٥١ ب] ترى الدم فلا تجعل آيةً من الحيض.

مسألة:

قَالَ: "وَلَوْ تَبَاعَدَ حَيْضُهَا فَهِيَ مِنْ أَهْلِ الحَيْضِ حَتَّى تَبْلُغَ الِّسِّنَّ الَّتِي مَنْ بَلَغَها لَمْ يَحِضْ".

المرأة التي لم تحض قط فعدتها تكون بثلاثة أشهر بلا خلافٍ, ولا فرق بين أن تكون قد بلغت سن المحيض, وإن كانت آيسة ثلاثين سنة أو خمسين أو لم تبلغ. وبه قال جماعة الفقهاء. وقال أحمد في رواية: إن بلغت سن المحيض فعدتها سنة اعتبارًا بغالب مدة الحمل وثلاثة أشهر بعدها.

واحتج بأن هذه في سن المحيض, فإذا لم تر الدم اعتدت سنة كما لو كانت ذات الحيض, ثم انقطع. وهذا غلط لقوله تعالى {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ}

[الطلاق:٤] ولم يفصل ولا نسلم قياسًا عليه, وإن سلمنا على قوله القديم فالعرف أنها من ذوات الأقراء بخلاف هذه فافترقا, وإن كانت قد حاضت مدة أو أكثر, ثم تباعد حيضها نُظر فيه, فإن كان لعارض مثل رضاع أو مرض أو غيره عليها أن تقعد إلى أن يزول العارض وتحيض أو تيأس ثم تعتد بثلاثة أشهر, وهذا إجماع, والدليل عليه ما روى الشافعي بإسناده أن حيان بن منقذ طلق امرأته وهو صحيح وهي ترضع, فأقامت تسعة عشر شهرًا لا تحيض, ثم مرض حيان فسئل عن ذلك عثمان بن عفان, وعنده على بن أبي طالب, وزيد بن ثابت رضي الله عنهم, فقال عثمان لعلي وزيد: ما تريد فقالا: نرى أنها ترثه إن مات ويرثها إن ماتت فإنها ليست من القواعد التي يئسن من المحيض, وليست من الأبكار اللائي لم يبلغن المحيض ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل وكثير, فرفع [ق ٥٢ أ] حيان إلى أهله فأخذ ابنته, فلما فقدت الرضاع حاضت حيضتين, ثم توفي حيان قبل الثالثة فاعتدت عدة المتوفي عنها زوجها وورثته.

وروى عن محمد بن يحيى بن حيان أنه قال: كانت عند جدي حيان امرأتان له: هاشمية وأنصارية, فطلق الأنصارية وهي ترضع فمرت بها سنة, ثم هلك عنها, ولم تحض, فقالت: أنا أرثه لم أحض, فاختصما إلى عثمان بن عفان فقضى لهما عثمان

<<  <  ج: ص:  >  >>