للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقوط القود في حق من بقي من الأولياء والعفو عن أحد القتلة لا يوجب سقوط القود عمن بقي من القتلة، وهذا دليل وانفصال عن جميعه بين الأمرين:

وقوله: "لو تعدى الخطأ إلى العمد لتعدي العمد إلى الخطأ" فهو خطأ بما ذكرناه، وأن اجتماع الإيجاب والإسقاط يقتضي تغليب حكم الإسقاط على الإيجاب.

وقوله: "لما لم يتغير حكم الدية لم يتغير حكم القود" ليس بصحيح، لأن الدية تتبعض والقود لا يتبعض.

فإذا ثبت سقوط القود عن العامد لسقوطه عن الخاطئ فعلى العامد نصف الدية مغلظة حالة في ماله، وعلى عاقلة الخاطئ نصف الدية مخفضة إلى أجلها.

فصل:

وأما أبو حنيفة فاستدل على أن شريك الأب لا يقتل بأنه شارك من لم يجب عليه القود، فوجب أن يسقط عنه القود كشريك الخاطئ، ولأن مشاركة الأب كمشاركة المقتول ثم ثبت أن المقتول لو شارك قاتله لسقط عنه القود، كذلك الأب إذا شارك الأجنبي وجب أن يسقط عنه القود.

والدليل على أن شرك الأب يقتل عموم قوله تعالى: {ومَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣] ولأنها نفس مضمونة خرجت بعمد محض، فلم يكن سقوط القود عن أحد القاتلين موجبا لسقوطه عن الآخر، كالعفو عن أحدهما لا يوجب سقوط القود عن أحد القاتلين موجبا لسقوطه عن الآخر، كالعفو عن أحدهما لا يوجب سقوط القود عنهما، ولأنه لما لم يتغير حكم الأب بمشاركة الأجنبي في وجوب القود عليه لم يتغير حكم الأجنبي بمشاركة الأب في سقوط القود عنه.

فأما الجواب عن قياسه على الخاطئ فهو أن سقوطه عن الخاطئ لمعنى في فعله، وقد امتزج الفعلان في السراية فلم يتميزا، وسقوطه عن الأب لمعنى في نفسه وقد تميز القاتلان فلم يستويا، وجمعه بين شركة الأب وشركة المقتول ففيه قولان:

أحدهما: أن شريك المقتول، فعلى هذا يسقط الاستدلال.

والثاني: وهو الأصح لا يقتل، وإن قتل شريك الأب، لأن شركة المقتول إبراء وليست شركة الأب إبراء.

فصل:

فأما البالغ العاقل إذا شارك في القتل صغيرا أو مجنونا، فإن كان قتل الصبي والمجنون على صفة الخطأ فلا قود على شريكه، لأنه لو كان الخطأ من بالغ عاقل سقط به القود عن العامد، فكان أولى أن يسقط به غير الصغير والمجنون، وإن كان قتل الصغير والمجنون على صفة العمد، فقد اختلف قول الشافعي في عمدهما هل يكون عمدا أو خطأ؟ على قولين:

<<  <  ج: ص:  >  >>