الشام بأنف الأخشم, ومن الكبير بالصغير ومن الأقنى بالأفطس, ومن الصحيحة بالخرماء إذا لم يذهب بالخرم منها شيء, فإن قطع أنفه من نصف المارن اقتص من نصف مارنه, بخلاف القاطع من نصف الذراع, لأن في الذراع عظمًا يمنع من مماثلة القصاص ومارن الأنف ليس يمكن فيه القصاص, فلو قطعه من نصف العظم صار حينئٍذ كالقاطع من نصف الذراع فيقتص له من حد العظم ويستوعب به جميع المارن, ويعطي حكومة فيما قطع من العظم, فلو أوضح عن العظم ولم يقطعه أخذ منه دية موضحة, ولو هشمه أخذ منه دية هاشمة, ولو نقله أخذ منه دية منقلة, وفي حكومة قطع أكثر من دية منقلة, وإذا قطع أحد شقي أنفه اقتص منه؛ لأن حاجز المنخرين حد ينتهي القصاص إليه, ولو قطع حاجز المنخرين اقتص منه إلي الحد الذي قطعه لإمكان الاقتصاص من جميعه, ولو ضرب أنفه فاستحشفت لم يقتص منه وكان له الدية, كما لو ضرب يده فشلت, ويحتمل أن يتخرج قيه قول آخر من استحشاف الأذن أنه له حكومة, ولو كسر أنفه مجبرة أعطى حكومة ولا قود له, فلو انجبر معوجًا كانت الحكومة أكثر منها لو انجبر مستقيمًا.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "والأذن بالأذن".
قال في الحاوي: وهذا نص الكتاب, لأن للأذن حدًا يتميز به عما سواه, فيقتص من أذن السميع بأذن الأصم, لأن محل السمع في غير الأذن, ويقتص من الكبيرة بالصغيرة, ومن الصحيحة بالمثقوبة ثقب فرط أو شنف, فأما المخرومة فإن لم يذهب بالخرم منها شيء اقتص بها من الصحيحة, فإذا أذهب الخرم شيئًا منها قيل للأخرم: إن شئت القصاص قطعنا لك من أذن الجاني إلي موضع خرمتك وأعطيناك دية ما بقي منها بعد الخرم وإن شئت أعطيناك دية الأذن, ولو قطع بعض أذنيه اقتص من أذن الجاني بقدره لإمكان الاقتصاص منه, ولو قطع أذنه فذهب منها سمعه اقتص من أذنه ولم يقتص من سمعه لتعذره, ولو ضرب أذنه فاستحشفت ويئست لم يكن فيها قصاص كاليد إذا شلت, وفيما يجب فيها قولان:
أحدهما: ديتها كشلل اليد.
والثاني: حكومة, لأن شلل اليد يذهب منافعها في القبض والبسط, وليس كذلك في استحشاف الأذن, فإن قطعت بعد استحشافها كان فيها حكومة ولا تنقص الحكومتان عن دية الأذن ويجوز أن يكونا أكثر.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "والسن بالسن كان القاطع أفضل طرفًا أو أدنى ما