وإسحاق، وقال أبو حنيفة: الأنبذة على أربعة أضرب: أحدها: الخمر يحرم قليلها وهي ما ذكرنا عنه، والثاني: المطبوخ من عصير العنب إن ذهب أقل من ثلثه فهو حرام أيضًا، وإن ذهب ثلثه فهو حلال إلا ما يسكر منه، وقيل عنه: إذا طبخ يسيرًا يكون حرامًا ولكن لا حد فيه ما لم يسكر وإن طبخه عنبًا فيه روايتان: أحدهما: يجري مجرى عصيره والمشهور أنه حلال وإن لم يذهب ثلثاه، والثالث: نقيع التمر والزبيب [١٠٩/أ] إذا اشتد يكون حرامًا ولا حد لأنه مختلف فيه كالوطء المختلف فيه وإذا طبخا حتى اشتدا كانا حلالين إلا السكر منهما ولا يعتبر أن يذهب ثلثاهما، والرابع: نبيذ الحنطة والذرة والشعير والأرز والعسل ونحو ذلك فإنه حلال سواء كان نقيعًا أو مطبوخًا. وروى الحسن بن زياد عنه أنه قال: لا يحد من سكر من ذلك والسكر محرم وجميع الأنبذة عنده طاهرة وإن حرم سوى الخمر، وروي مثل قول أبي حنيفة في المطبوخ عن عمر وعلي وابن مسعود في رواية والخلاف معه في خمسة فصول: أحدها: أن الكل سمي خمرًا حقيقة وهو قول المزني واختيار أكثر أصحابنا لأن الاشتراك في الصفة تقتضي الاشتراك في الاسم، وقال بعض أصحابنا: سمي خمرًا مجازًا لا حقيقة لأنهما يختلفان في بعض الصفات وتحريم الكل بالآية، وقال بعضهم: لا يسمى خمرًا بل هو محرم بالسنة وعند أبي حنيفة لا يسمى خمرًا، والثاني: أن قليل المطبوخ حرام عندنا خلافًا له، والثالث: في وجوب الحد في قليل نقيع التمر والزبيب النيئ، والرابع: في سائر الأنبذة من الحبوب وعندها لا يفسق شارب النبيذ إذا كان متأولًا ولكنه يحد، وقال مالك: يفسق كما يحد وهذا لا يصح لأنه بعد التوبة يحد وإن زال الفسق، والخامس: أن تحريم الخمر يعلل بعلة الشدة [١٠٩/ب] وعند أبي حنيفة حرمت الخمرة لعينها لا لعلة، وقيل: والسادس: في طهارتها ونجاستها، واحتجوا بما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"حرمت الخمر لعينها والسكر من كل شراب" وروى أبو بردة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اشربوا ولا تسكروا"، وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان في الطواف فدعا بشراب فشرب ثم قطب وجهه وقال:"إذا اغتلمت هذه الأشربة فاكسروا بالماء"، ودليلنا ما روى النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن من العنب خمرًا، وإن من التمر خمرًا وإن من العسل خمرًا، وإن من البر خمرًا، وإن من الشعير خمرًا".
وروى ابن عمر عن عمر رضي الله عنهما قال: نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من