وقال الإمام أبو يعقوب الأبيوردي: إنما خص شعر الآدمي لنجاسته في أحد القولين، وهذا أشبه عندي، ولكنه رجع عن هذا القول على ما رواه إبراهيم البلدي عنه، فهو قول مرجوح لا اعتبار به.
فرع
لو وصلت شعرها بوتر أو بشيء يخالف لونه لون شعرها. قال أصحابنا: يجوز، لأنه لا خديعة فيه، وهذا عندي إذا كان طاهراً لا يحصل به الغرور، وأما إذا كانت متقنعة ينظر إلى رأسها ويغتر. بكبر ذلك بالموصول، فهو منهي أيضاً.
فَرْعٌ آخرُ
قال أصحابنا: خضاب الشعر مباح بالحناء الكتم ومحظور بالسواد إلا أن يكون في جهاد العدو؛ لما روى الحسن البصري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن الخضاب بالسواد، وقال: "إن الله تعالى: يبغض الشيخ الغربيب ألا لا تغيروا هذا الشيب، فإنه نور المسلم، فمن كان [١٧٧ أ / ٢] لا محالة فاعلاً، فبالحناء والكتم"، ذكره في "الحاوي".
مسألة: قال: "وإن قال رجل في مسجد أو أرض طهر بأن يصب قليه ذنوب من ماء".
وهذا كما قال: إذا بيل على الأرض فطهارتها أن يكاثر بالماء حتى يغلب البول، ويغيره، فيزيل اللون والريح والطعم. وفي كيفية الإزالة. قال الشافعي رضي الله عنه: يصب عليه ذنوب من ماء، يعني به الدلو الكبير، والسجل مثله، وهو الأصح، وقيل: إنه دون الذنوب. وقيل: إنه اسم لما يشد به الرشاء، فإن لم يكن رشاء لا يسمى ذنوباً. والعرب دونه بلا إشكال.
واختلف أصحابنا في هذا، فقال الأنماطي والاصطخري: إنه شرط وتحديد حتى لو بال اثنان لم يطهره إلا دلوان كعدد السبع في ولوغ الكلب لورود الشرع به.
وقال سائر أصحابنا: وهو صحيح إنما ذكره الشافعي على سبيل التقريب أو لموافقة لفظ الخبر والاعتبار بالمكاثرة، لأن البول يختلف، فيقل ويكثر. والذنوب لا تختلف، فلا يجوز أن تكون الذنوب حداً فيه، وإنما الواجب أن يغمره بالماء حتى يغلب عليه، فلا يبقى له رائحة، ولا لون، وان كان له لون.
وقد قال الشافعي رضي الله عنه: والذي يثبه أن لا يزال البول بأقل من سبعة أضعافه. وهذا يشبه أن يكون قاله بعدما جرب قدر الماء الذي يأتي على البول ويغمره، وليس فيه حد محدود قولاً مقدار مقدر إلا ما ذكرنا.