قال: لو قلع المكان، وهو رطب حتى لم [١٧٨ أ / ٢] يبق له أثر رطوبة فقد طهر بغير الماء، فإن جف البول، فقلع المكان لم يطهر، لأن أثره بعد الجفاف إنما يتبين على الطبقة العليا من الأرض إلا أن يستقصي حتى يحيط أنه انتهى إلى انتهاء البول، وأزالة كله.
مسألة: قال: "والخمر في الأرض كالبول".
الفصل
وهذا كما قال: الخمرة نجسة على ما ذكرنا، فإذا أصابت الأرض، فهي كالبول يصب عليها الماء، حتى يغمرها، فإن ذهبت ريحها، ولم يذهب لونها لا تطهر قولاً واحداً، وإن ذهبت لونها، ولم يذهب ريحها أجاب ههنا أنه لا يطهر، وفيه قول نص في "الأم "، وهو الصحيح:"إنه لا يطهر لان الرائحة قد تبقى لذكائها مع زوال العين كالماء تتغير رائحته بجيفة، ولا يحصل عينها في الماء".
وقال بعض أصحابنا: إن كانت في الثوب، لا يطهر قولاً واحداً، لأن حكم النجاسة في الأرض أخف لكونها معدناً للأنجاس بخلاف الثوب، ولأن رائحة الخمر لا تتعدى إلى الثوب إلا ببقاء الأجزاء فيه لبعده عنها فتشبه الرائحة فيه بقاء اللون في الأرض، وفي الإناء إذا بقيت رائحة الخمر بعد العسل، فهو أخف حكماً من الأرض، فيطهر قولاً واحداً، لأن بقاء الرائحة فيه لكثرة المجاورة، وقيل: فيه قولان أيضاً، كالأرض ذاكره في "الحاوي".
فرع
لو ذهبت أوصاف النجاسة عن الأرض بالجفاف، فلم يبق لون ولا ريح، ولا طعم، فإن كان في الظل لم يطهر قولاً واحداً، وإن طلعت الشمس وهبت الرياح عليها فجفت، هل يطهر؟ قولان:
أحدهما: لا بطهر، وبه قال مالك وأحمد واسحق وزفر رحمهم الله، وهو الصحيح، لأنه محل نجس، فلا يطهر بالشمس كالثوب.
والثاني: يطهر، وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله: لأن الشمس تحيل الشيء عن طبيعته وتأثيرها أكثر من تأثير الماء، وهم يقولون في الظل مثله بخلاف قولنا.
ومن أصحابنا من رتب الظل [١٧٨ ب / ٢] على الشمس. فقال: إن قلنا بالشمس لا يطهر فعند الظل أولى، وإان قلنا يطهر فغي الظل وجهان.