وقال في "الحاوي": هذا القول الثاني في شمس حكاه ابن جرير عن "القديم"، ولا يعرف هذا عن الشافعي رحمه الله.
مسألة: قال: "فإن صلى فوق قبر أو إلى جنبه ما لم ينبش أجزأه".
وهذا كما قال: المقبرة على ثلاثة أضرب: مقبرة منبوشة تحققها، فالصلاة فيها لا تجوز للنجاسة، وذلك أن لحوم الموتى وصديدهم اختلطت بهذا التراب البارز، والآدمي. وإن قلنا: لا ينجس بالموت، فإن ما في جوفه نجش بلا إشكال، وتخليط ذلك بغيره.
والثاني: مقبرة جديدة غير منبوشة، قال الشافعي:"كرهته وأجزأه، ولا آمره بالإعادة"، وإنما كره ذلك، لأن المقبرة مدفن النجاسات، وسواء بين الصلاة فوقها وإلى جنبها أو إليها.
والثالث: مقبرة أشكل أمرها، ولا يعلم، هل هي منبوشة أم لا؟. قال في "الأم": لم يكن له أن يصلي فيها، لأن الأصل الآن أنها مقبرة حتى يعلم انه لم يدفن فيها قط وترابه لم ينبش.
وقال في "الإملاء": "إن صلى فيها لم أر عليه الإعادة"، فحصل قولان. وهذا الثاني قول مالك رحمه الله، ووجهه أن الأصل الطهارة فلا يزول إلا بيقين.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن شك فالأصل الطهارة، وإن كان الغالب كونها منبوشة فقولان بناء أنه يعتبر الأصل أو الغالب فهذا حسن.
وقال أحمد:"لا يجوز الصلاة فيها بحال وإن تحقق طهارته"، وكذلك إذا استقبلها في الصلاة، والنهي عن ذلك تعبد، لا لأجل النجاسة، ولو صلى مع النهي هل يجوز؟ روايتان.
وقال داود:"تجوز الصلاة في المقبرة المنبوشة أيضاً مع الكراهة"، والدليل على أحمد أنها بقعة طاهرة فجازت الصلاة عليها كسائر البقاع، وأما الخبر الوارد فيه محمول على المنبوشة. وروى أبو ذر رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أول مسجد وضع [١٧٩ أ / ٢] في الأرض، فقال:"المسجد الحرام"، قلت: ثم أي؟ قال:"المسجد الأقصى". فقلت: كم كان بينهما؟ قال:"أربعون عاماً وحيث أدركت الصلاة فصل".
مسألة: قال: "وما خالط التراب من نجس لا تنشفه الأرض إنما يتفرق فيه، فلا يطهره إلا الماء".