للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له وأما أنت فاحتجبي منه" وهذا حكم بعلمه واحتج المزني فقال:" قد قطع بأن سماعه الإقرار منه أثبت من الشهادة وصرح في كتاب الرسالة قال: أقضي بعلمي وهو أقوى من شاهدين" لأن العلم به مقطوع والشهادة ظن فكان الحكم بعلمه أولى, وقال الربيع: كان الشافعي رضي الله عنه يعتقد جواز القضاء بعلمه ولكن كان لا يبوح به مخافة قضاة السوء فالمسألة على قول واحد أنه يجوز القضاء بعلمه وأما خبر الحضرمي [١٢/ ٧٢ أ] فلا حجة فيه لهم لأنه لم يكن معه علم الحاكم وجوز النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون معه شاهدان, وأما خبر عمر فغير مشهور فالقياس يقدم عليه واعلم أن الشافعي رضي الله عنه قال: في كتاب الرسالة أقضي بعلمي وهو أقوى من شاهدين وشاهد والمرأتان وهو أقوى من شاهد ويمين وهو أقوى من النكول ورد اليمين ولا إشكال في قوله أقوى من شاهد وامرأتين لأن الطلاق والنكاح لا يثبت بشاهد وامرأتين والشاهد والمرأتان أقوى من شاهد ويمين لأن الإجماع أقوى من الخلاف والإشكال في قوله والشاهد واليمين أقوى من النكول ورود اليمين ولموضع الإشكال أن الشاهد واليمين بينة مختصة بالأموال والنكول ورد اليمين بينة جارية في الدماء والفروج وجميع الأحكام بين الآدميين فكيف جهل الشافعي الشاهد واليمين؟

والجواب: لعل الشافعي أراد بقوله أقوى من النكول ورد اليمين في علم القاضي فإنه يغلب على قلبه فوق العلم الذي ثبت له بالنكول ورد اليمين وذلك أن شهادة العدل الواحد فوق نكول الناكل قد ينكل لكونه ظالماً وقد يخرج عن اليمين وهو صادق فصار شهادة العدل مع يمين الطالب فوق نكول الخصم مع يمين الطالب في التغليب على قلب الحاكم, فأما في الفوائد التي تستفاد من البينات فالنكول ورد اليمين أقوى [١٢/ ٧٢ ب] من الشاهد واليمين أو نقول: هو أقوى في النفس من ورد اليمين لأنها أتت من غير جهة المدعي واليمين بعد النكول بينه من جهة المدعي.

فرع آخر

إذا قلنا لا يحكم بعلمه فأقر عنده الخصم لم يجز أن يحكم إلا أن يشهد بإقراره شاهدان ليصير حاكماً لا بعلمه وينبغي أن يكون في مجلس حكمه شاهدان عادلان على القول حتى لا يحتاج إلى القضاء بالعلم به قال مالك: وقال بعض أصحابنا: لا يعتبر ذلك ويجوز أن يقضي هنا قولاً واحدا لأنه يحكم بالإقرار وليس يحكم بالعلم قال في " الحاوي": وأكثر أصحابنا على هذا وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا "إذا أقر في مجلس الحكم وقضى عليه في ذلك المجلس وقال: هو قضاء بالحجة فيجوز قولاً واحداً فإن فارق مجلسه ثم عاد فأراد أن يقضي أو أقر في غير المجلس ففيه قولان.

<<  <  ج: ص:  >  >>