يرجع، ولو لم يرجع لا يجوز له القصر ما لم يفارق مكانه. قال: وهكذا لو نوى الرجوع من موضع أبعد منه بعد ما لا يكون بينه وبين مبتدأ سفره مسافة قصر الصلاة، فإن سار قدر مسافة القصر ثم نوى الرجوع صار مقيماً في موضعه، لأنه ترك سفره الأول ثم عند الانصراف له القصر في الطريق، وقطع في الصيد لأني بهذا الجواب، ولم يذكر ما قال في "البويطي" والصحيح ما ذكرت من التفصيل. [٤٩ ب / ٣].
فَرْعٌ آخرُ
ذكره أصحابنا على هذا الذي سبق، وهو أنه لو سار إلى بلد بعيد يدخل في طريقه بلل أو نوى المقام فيه أربعة أيام أتم، فإن خرج منه إلى المقصد وبينه تمام الفر قصد أيضاً إذا فارق بنيان هذا البلد، فإن نسي شيئاً فعاد إلى البلد لأخذه له أن يقصر هاهنا ذاهباً وجائياً، وفي وسط البلد: لأن هذا البلد ليس بوطن له، وبلده الذي هو وطنه موضع وطنه فانقطع قصره بدخوله.
فَرْعٌ آخرُ
قال في "الإملاء": لو أحرم خارجاً من البلد بنية القصر، ثم رعف فانصرف فاخل بعض المنازل لغسله، فإن قلنا: لا تبطل الصلاة وله العود والبناء لزمه الإتمام: لأنه حصل في الوطن في أثناء الصلاة، وإن قلنا: إذا رعف بطلت صلاته لم يلزمه إتمامها فاعتبر الوطن لا غير.
مسألة: قال: وإن نوى المسافر مقام أربع أتم.
وهذا كما قال متى دخل المسافر بلداً لا يخلو من أحد أمرين، إما أن ينوي المقام أو لا ينوي فإن نوى المقام فطر، فإن نوى مقام أقل من أربعة أيام فهو مسافر، وان نوى مقام أربعة أيام فهو مقيم ينقطع قصره، وهذه الأربعة هي غير يومه الذي دخل [٥٠ أ / ٣] فيه ويومه الذي خرج منه فيه، فلو دخل يوم الأحد وخرج يوم الخميس كان له القصر: لأن بين دخوله وخروجه ثلاثة أيام، وإنما ينقطع قصره إذا دخل يوم البت وخرج يوم الخميس تعمل له أربعة أيام في الوسط؛ فلو ترك بعد طلوع الفجر من يوم السبت ورحل قبل غروب الشمس من الخميس أتم فيها كلها، وبه قال عثمان وسعيد بن المسيب والليث وأحمد وإسحاق ومالك وأبو ثور رحمهم الله.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: إن نوى مقام خمسة عثر يوماً مع اليوم الذي دخل فيه واليوم الذي يخرج منه بطل حكم سفره، وبه قال الثوري واختاره المزني رحمه الله، وعن ابن عمر رضي الله عنهما ثلاث روايات إحداها: هذا، والثانية: إذا نوى ثلاثة عشر يوماً أتم وفي لفظ أقلها يقصر، والثالثة: إذا نوى اثنا عشر يومأ أتم، وفي أقلها يقصر، وبه قال الأوزاعي، وقال نافع: اختلفت الروايات عن ابن عمر رضي الله عنهما