هل يجوز للإمام أو المقيمين أن يقدموا من يصلي بهم بقية الصلاة؟ هذا مبني على جواز الاستخلاف إذا أحدث الإمام وانصرف، فإن [٧٢ ب / ٣] قلنا: لا يجوز هناك فهاهنا لا يجوز، وإن قلنا: يجوز هناك وهو قوله الجديد فهاهنا وجهان: أحدهما: يجوز كما لو أحدث الإمام وانصرف.
والثاني: لا يجوز لأن هذه الصلاة قد أديت جماعة فلا يجوز عقد جماعة أخرى فيها كما يقول في المسبوق بركعة في صلاة الجمعة إذا سلم الإمام والأول أصح، والفرق بينهما وبين الجمعة هو أن الجمعة لا تصلى جماعة بعد جماعة بخلاف غيرها، وهكذا المسبوق بركعة في غير الجمعة هل يستخلف؟ على هذين الوجهين.
مسألة: قال: وكل مسافر له أن يتم.
وقد مضت هذه المسألة، واحتج هاهنا بما روي أن عثمان رضي الله عنه كان يتم الصلاة إذا حج، وكان يحتاط في ذلك لأنه كان له بمكة أهل وعيال فاختار الإتمام وإلا فالمستحب القصر.
مسألة: قال: واحتج في الجمع بين الصلاتين في السفر بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع في سفره إلى تبوك. . . الخبر.
وهذا كما قال: إذا سافر سفراً يجوز له فيه قصر الصلاة يجوز له الجمع فيه بين الصلاتين، وهو الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في وقت أيتهما شاء. وأما [٧٣ أ / ٣] في السفر القصير هل تجوز الجمعة؟ فيه قولان:
أحدهما: يجوز قاله في "القديم" وبه قال مالك، ووجهه: أن أهل مكة يجمعون بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء وسفرهم قصير ولم ينكر منكر.
والثاني: لا يجوز ذكره في "الجديد" وهو الصحيح لأنه تأخير العبادة عن وقتها فلا يجوز في السفر القصر كالفطر، وأما أهل مكة فإنهم يقصرون أيضاً ونحن وأنتم تقولون: لا يجوز ذلك في السفر القصير.
وقال أبو يعقوب الأبيوردي رحمه الله: اختلف قول الشافعي رحمه الله في جمع أطر مكة بعرفة ومزدلفة أهو لحق النسك أم لحق السفر؟ على قولين فإذا قلنا: إنه نسك فلا كلام، وإذا كان للسفر فمتى كان السفر قصيراً قولان وسائر أصحابنا لم يذكروا القولين.
وقد ذكر بعض أصحابنا بخراسان وجهاً أنه لحق النسك وليس بمذهب الشافعي، وحكى الداركي عن أبي إسحاق أنه كان يقول: لا يجوز الجمع إلا في السفر الطويل، نص عليه في الجديد والقديم.