«كنت أخدم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وأقوم له في حوائجه، نهاري أجمع، حتى يصلي رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم العشاء الآخرة، فأجلس ببابه، إذا دخل بيته، أقول لعلها أن تحدث لرسول الله صَلى الله عَليه وسَلم حاجة، فما أزال أسمعه يقول رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله وبحمده، حتى أمل، فأرجع، أو تغلبني عيني، فأرقد، قال: فقال لي يوما، لما يرى من خفتي له وخدمتي إياه: سلني يا ربيعة، أعطك. قال: فقلت: أنظر في أمري، يا رسول الله، ثم أعلمك ذلك، قال: ففكرت في نفسي، فعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة، وأن لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيني، قال: فقلت: أسأل رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم لآخرتي، فإنه من
⦗٩١⦘
الله، عز وجل، بالمنزل الذي هو به، قال: فجئت، فقال: ما فعلت يا ربيعة؟ قال: فقلت: نعم، يا رسول الله، أسألك أن تشفع لي إلى ربك، فيعتقني من النار، قال: فقال: من أمرك بهذا يا ربيعة؟ قال: فقلت: لا والله، الذي بعثك بالحق، ما أمرني به أحد، ولكنك لما قلت: سلني، أعطك، وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به، نظرت في أمري، وعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة، وأن لي فيها رزقا سيأتيني، فقلت: أسأل رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم لآخرتي، قال: فصمت رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم طويلا، ثم قال لي: إني فاعل، فأعني على نفسك بكثرة السجود» (١).