قال: واتفق الفقهاء فيمن قال: ما أقر به على فلان فهو لازم لي أنه لا يلزمه، وقبله ابن عات.
فإن قلت: ما نقله عن اتفاق العلماء أنه لا يلزمه هل هو خلاف قول أصبغ الذي تلقاه أهل المذهب بالقبول أم لا؟
قلت: ظاهر قول ابن عبد السلام إثر نقله قول أصبغ هذا معروف المذهب، وقال أبو عمر: إلى آخر كلام ابن خويز منداد أنه خلافه، والأظهر أنه ليس بخلاف؛ لأن مسألة أصبغ نص فيها: على توكيله على الإقرار عليه وهو ملزوم لجعله قوله كقوله، ومسألة ابن خويز منددًا إنما صدر منه أن ما أقر به فهو لازم له، فصار ذلك كقوله ما شهد به على فلان حق، وهذا لا يلزمه حسبما يذكر في موضعهن.
وفي نوازل أصبغ: تصح الوكالة على الخصام دون جعل الموكل توكيله إقرارًا عنه، ويقبلها الحاكم ويحكم له وإن لم يجعل له فيها إلا المدافعة.
ابن رشد: هذا خلاف ما ذهب إليه ابن العطار أنها لا تقبل على الخصام حتى يكون فيها الإقرار والإنكار، ونزلت فقضى فيها ألا تقبل حتى يحضر مع وكيله ليقر بما يوافقه عليه خصمه أو يكون في وقت الحكم قريبًا من مجلس القاضي، وذكر المتيطي قول ابن العطار غير معزو وكأنه المذهب، وقال: هذا هو المشهور وبه العمل عند القضاة والحكام، ويظهر من فعل بعض من تقدم من القضاة بتونس أنه يقبلها دون إقرار فيها إلا أن يطلب الخصم حقه في شرط الإقرار، وكما قاله بعضهم في توجه اليمين دون خلطة إلا أن يقوم بذلك المدعي عليه.
قال ابن الحاجب: والمعتبر الصيغة وما يقوم مقامها.
ابن عبد السلام وابن هارون: ما يقوم مقامها كالإشارة في حق الأخرس.
وقال ابن شاس: معلومًا بالنص أو عموم اللفظ أو بالقرائن أو العادة.
قلت: قوله: أو بالعادة كقولنا في ذبح الولد أضحية أبيه وإنكاحه أخته حسبما ذكره في الأضحية والنكاح، وفي نوازل أصبغ: وهي على الخصام فقط لا تشمل صلحًا ولا إقرارًا، ولا يصح من الوكيل أحدهما إلا بنص من موكله عليه، فلم يذكر فيه ابن رشد