قال ابن رشد فى رسم باع شاة: شهادة المختفى لا خفاء فى ردها، على القول بلغو الشهادة على إقرار المقر دون قوله: اشهد على، وهو أحد قولى مالك فى المدونة، وقول ابن أبى حازم وابن الماجشون وروايته، ورواية محمد إلا أن يكون قذفا.
قلت: أو غيره من حقوق الله؛ وإنما اختلف فى شهادة المختفى من يجيز الشهادة على المقر دون قوله، اشهد على منعها سحنون مطلقا، ومنهم من كره له الاختفاء ليتحملها، وقبلها إن شهد بها وهم الأكثر، وهو ظاهر قول عيسى هنا خلاف قول ابن القاسم فى تفرقته بين من يخشى أن يخدع لضعفه وجهله بما يقر به على نفسه، وبين من يؤمن ذلك منه لنباهته ومعرفته بوجوه الإقرار على نفسه، ولو أنكر الضعيف الجاهل الإقرار جملة؛ لزمته الشهادة عليه، وإنما يصدق عنده مع يمينه إذا قال: إنما أقررت لوجه كذا مما يشبه.
قلت: للشيخ عن الموازية: قال مالك: من أقعد له شاهدان من وراء حجاب يشهدان عليه، إن كان ضعيفا أو مختدعا أو خائفا؛ لم يلزمهو وحلف ما أقر إلا لما يذكر، وإن كان على غير ذلك؛ لزمه، قيل: فمن لا يقر إلا خاليا، قال: أخاف أن يسمع جوابه بسؤال، ولعله يقول له فى سر: ما الذى لى عندك إن جئتك بكذا وكذا، فيقول: لك عندى كذا، فإن قدرت أن تحيط بسرهم؛ فجائز، ولابن كنانة: شهادة السر بذلك مقبولة، ويسر ما صنعوا حين دخلوا ذلك المدخل، وجعل المازرى، ومن تبعه علة رد شهادة المختفى، الحرص على التحمل بعيد.
وسمع عيسى ابن القاسم: من ترك القيام بشهادته فى عقار أو مال يراه بيد غير ربه يبيعه ويهبه ويحوله عن حاله، ثم يقوم بها؛ لم تقبل.
ابن رشد: قال الأخوان: إنما تسقط شهادته إذا لم يكن عند رب الحق؛ علم بذلك، ولو علم بعلمهم، ولم يقم بحقهم؛ لم يضرهم، وهذا تفسير لهذا السماع؛ لأنها إنما تبطل بترك إعلام رب ذلك بذلك، وكذا الشاهد الواحد، ففى إبطالها بذلك، وفيها يستدام تحريمه من حقوق الله من حرية وطلاق وشبهه