قال محمد: إنما ينقل عنهم الشهادة إذا بعدت غيبتهم من يعرف الغيبة بعد مدة لا بإثر غيبتهم؛ يريد: أنه بإثر غيبتهم على مسافة قريبة، ولا يؤمن رجوعهم.
الشيخ عن الموازية: ليس النقل عن الشاهد بتعديل له حتى يعدله الناقلون أو يعرفه القاضي بعدالة.
أشهب: وإلا طلب منه من يزكيه.
ابن حبيب: قال مطرف: وإن قال الناقلون: أشهدنا على كذا قوم كانوا عندنا يومئذ عدولاً، ولا ندري اليوم من هم، لم يجز شهادتهم حتى يسموهم فيعرف أنهم غيب أو أموات، فتجوز شهادتهم، وإلا لم تجز إذ لعلهم حضور نزعوا عن شهادتهم، أو نسوها أو حالت حالتهم بجرحتهم، وقاله أصبغ.
وسمع أصبغ أشهب: إن شهد قوم على شهادة رجل لا يعرفونه، ويعرف القاضي عدالته أو يعدله عنده غيرهم جازت شهادته.
قال أصبغ: وذلك بعد معرفة أخرى أنه الذي شهد على شهادته بعينه لا يحتمل أنه لغيره.
ابن رشد: قوله: وهو لا يعرفونه؛ معناه: لا يعرفونه بالعدالة، ويعرفونه بالعين والاسم مع كونه مشهوراً لا يختلط بغيره، وإلا لم تجز الشهادة لاحتمال أن يكون الذي شهدوا على شهادته غير الذي عرفه القاضي بالعدالة والمعدلون؛ هذا معنى قول أصبغ، وهو تفسير قول ابن القاسم.
عياض: قيل: إن لم يعدل الشاهد من شهد على شهادته، فهي ريبة في شهادته والصواب جوازها بتعديل غير الناقل.
قلت: لم ينقل المازري عن المذهب غيره، وعزا الأول للشافعي قال: والمذهب أنه لا يجوز النقل عن من يعلم الناقل جرحته؛ لأن فيه على القاضي تلبيساً، وما نقله عياض أولا هو ظاهر نقل ابن عبد البر في كافية بقوله: ولا يجب لرجل أن يشهد على شهادة من لا يعرفه بالعدالة، ورد عياض أخذ بعضهم من قولها بصحة نقل النساء جواز نقل الرجل عمن لا يعدله لامتناع تعديلهن بأن منعه إنما هو بالسنة.