وفيها: قال مالك: تجوز شهادة النساء على الشهادة في الأموال والوكالة عليها، وهن وإن كثرن كرجل، فلا ينقلن إلا مع رجل نقلن عن رجل أو امرأة، وقاله أشهب.
وقال غيره: لا تجوز شهادتهن على شهادة، ولا على وكالة في مال.
سحنون: وهذا أعدل.
عياض: يريد أن أشهب وافقه في نقلهن فقط لا في الشهادة على الوكالة بينه سحنون بعد هذا.
وسمع عيسى ابن القاسم إن شهدت امرأتان على شهادة امرأتين بحق، ومعهما رجل شاهد بالحق مع المرأتين الغائبتين لم يجز ذلك إلا أن يكون مع المرأتين رجل، وإنما تجوز شهادة المرأتين بأبدانهما، فإن غابت أبدانهما فلابد أن يكون مع المرأتين رجل، واحتج بأن شهادة الرجل تجوز ببدنه، وتحلف معه، فإن غاب بدنه لم يجز أن يشهد على شهادته رجل واحد بل رجلان، ثم يكون ذلك كرجل يحلف معه.
وفي سماع أصبغ من كتاب القضاء المحض قال أشهب: لا يعجبني هذا أرى ما جازت فيه شهادتهن تامة بلا رجل، ولا يمين كالاستهلال، وعيوب النساء تجوز شهادتهن فيه على شهادة مثلهن بلا رجل معهن.
ابن رشد: قول ابن القاسم: إن غاب بدنه لم يجز أن يشهد على شهادته رجل واحد بل رجلان.
يريد: أو رجل وامرأتان هو نص ما في شهادتها خلاف قول ابن الماجشون وسحنون في أن شهادة النساء لا تجوز إلا فيما يجوز فيه الشاهد واليمين، ولم يتكلم ابن القاسم في شهادة النساء على شهادة النساء فيما يجوز فيه شهادتهن دون رجل، وقول أصبغ: لا يعجبني هذا، وأرى ... إلخ.
يدل على أن روايته عن ابن القاسم أنه لابد في شهادتهن على شهادة النساء في ذلك من رجل معين، وأنه لا يجوز في ذلك شهادة النساء وحدهن، وهو القياس؛ لأن شهادتهن وحدهن على الأصل إنما هي للضرورة، ولا ضرورة في انفرادهن في النقل، وظاهر قول أصبغ أنه يجرئ في ذلك امرأتان على امرأتين.