اللخمي: من ادعى على رجل أنه جرحه، فإن أتى بأثر الجرح، وهو متعلق به كان لطخًا وسجن، وإن ادعى ذلك عن يوم فرط لم يسجن إلا أن يأتي بلطخ.
وسمع أشهب: من أتى بشاهد واحد على رجل أنه شتمه لم يحلف في هذا مع الشاهد، فإن كان الشاتم معروفًا بالشتم والسفه عزر. قيل له: أترى على المدعى عليه يمينًا قال: نعم، ولعساني أن أكون أراه، ولكن ليس كل ما رأى المرء أراد أن يجعله سنة يذهب بها إلى الأمصار.
ابن رُشْد: تفسير قول مالك أنه إن لم يكن المدعي عليه معروفًا بالشتم استحلف إلا أنه ضعف اليمين بقوله: (ولعساني وأن أكون ... إلخ)، والأظهر على أصولهم إيجاب اليمين فتضعيفها ضعيف، وقيل: يستحلف المدعى عليه إن كان للمدعى شاهد على دعواه عرف بالشتم والسفه أو لم يعرف بذلك، وهو ظاهر ما في رم الشجرة من سمَاع ابن القاسم من كتاب الحدود، وما في رسم الحدود من سمَاع أَصْبَغ منه، فإن حلف برئ، وإن نَكَل ففي سمَاع ابن القاسم المذكور يسجن أبدًا، حتي يحلف، وفي سمَاع أَصْبَغ المذكور إن طال سجنه جدَّا أو لم يحلف خلي سبيله ولم يؤدب، وقال أَصْبَغ: إن كان معروفًا بالأذى والفحش أدب، وإلا فأدبه حبسه الذي حبس، فهذه الرواية موافقة لما في السماعين المذكورين من كتاب الحدود من أن المدعي لا يحلف مع شاهده مخالفة لما فيهما من إيجاب اليمين على المدعى عليه على ضعفه في حال دون حال، وقيل: يحلف مع شاهده، ويحد له، قاله مُطَرِّف، وهو شذوذ، وتخرج فيهما قول ثالث أنه لا يحلف معه في الفرية، ويحلف معه فيما دونها من الشتم الذي يجب فيه الأدب.
وكذا اختلف في القصاص من جراح العمد بالشاهد مع اليمين في ثبوته به وعدمه مطلقًا، ثالثها: قصره على ما صغر منها دون ما عظم كقطع اليد لمالك في أقضيتها، وابن القاسم في شهادتها، وابن الماجِشُون مع روايته، واختيار سَحنون، وكذا اختلف إن لم يأت المدعي بشاهد، ولا سبب على دعواه في الشتم أو جراح العمد على ثلاثة أقوال:
أحدها: لا حلف علي المدعى عليه، وهو سمَاع ابن القاسم في كتاب الحدود، قاله في الفرية.