وظهرَ للرجل بنور القلب حقيقةُ الأشياء، فيفرِّق الأعمالَ النافعةَ من الضارَّةِ، والمُنجِيةَ من المُهلِكةِ، فيعمل المُنجِيةَ والنافعةَ، ويَدَعُ المُهلِكةَ والمُضرَّةَ؛ فهذا صلاحُ الجسدِ، وهذا الصلاحُ نتيجةُ صلاحِ القلب. وإن فسدَ القلبُ بأن ينعدمَ شيءٌ من هذه الأشياء يسودُّ القلبُ، ويُظلم بيتُ الصدر، فلا يعرف الرجلُ المُنجِيَ من المُهلِكِ، ويتخبَّط في الأعمال، فربما يكون جميعُ أعماله قبيحًا، أو أكثرُها قبيحًا؛ وهذا فسادُ الجسدِ، وهو نتيجةُ فسادِ القلب.
قوله:"ثمنُ الكلبِ خبيثٌ"؛ أي حرامٌ؛ لأنه لا يجوز بيعُ الكلب، ولا ضمانَ على مُتلِفِه، وقال أبو حنيفة: يجوز بيعُه، ويَضمنُه مُتِلفُه، وقال مالك: لا يجوز بيعُه، ولكن يَضمنُه مُتِلفُه.
قوله:"ومَهْرُ البَغيِّ حرامٌ"، (البغي): الزانية، و (مَهرُها): ما يعطيها الزاني ليزنيَ بها، وهو حرامٌ بالإجماع، وجماعةٌ من العوام يقولون: ذلك حلالٌ, حتى يقولون: أفضلُ مالٍ ينفقُه الرجلُ في سبيل الحجِّ مَهْرُ البَغِيِّ، وهذا كفرٌ؛ لأن مَن اعتقدَ تحليلَ شيءٍ هو مُحرَّمٌ بالإجماع فقد كفرَ.
قوله:"كَسْبُ الحجَّامِ خبيثٌ"، (الخبيث) ها هنا بمعنى: المكروه؛ لأن رسولَ الله - صلي الله عليه وسلم - أتى أبا طَيبةَ ليحجمَه، وأعطاه الأجرةَ، ولو كان كسبُه حرامًا لم يُعطِه رسولُ الله - صلي الله عليه وسلم - الأجرةَ؛ لأنه لا يجوز له - صلى الله عليه وسلم - أن يُعطيَ شيئًا حرامًا، أو يأمرَ أحدًا بكسبٍ حرامٍ.