فيقول: تَسْخَرُ مِنِّي - أو تَضْحَكُ مِنِّي - وأنتَ المَلِكُ؟ " ولقَدْ رَأَيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حتَّى بَدَتْ نوَاجِذُهُ. وكانَ يُقالُ: "ذلكَ أدنَى أهلِ الجنَّةِ مَنزِلةً".
قوله: "يخرج من النار حَبْوًا"، قال في "الصحاح": حَبَا الصبيُّ على استِه حَبْوًا: إذا زحفَ؛ يعني: إذا مَشَى على وركَيه.
قوله: "فيأتيها، فيُخيَّل إليه أنها مَلآى"، قال في "الغريبين": (يُخيَّل إليه)؛ أي: يُشبَّه إليه.
(ملآى) تأنيث: ملآن؛ يعني: إذا دخل الجنةَ يُخيَّل إليه أن الجنةَ غاصَّةٌ بأهلها.
قوله: "ضحك حتى بَدَتْ نواجذه"، قيل: هي الأضراس، وقيل: هي المضاحك، وقيل: هي الأنياب، وهي أحسنُ ما قيل فيها؛ لأنه في الخبر: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان جلُّ ضحكه التبسُّم، ذكره في "شرح السُّنَّة".
* * *
٤٣٣٠ - عن أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لأَعلَمُ آخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخولًا الجَنَّةَ، وآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُروجًا منها، رَجُلٌ يُؤتَى بهِ يومَ القِيامَةِ فيُقالُ: اعْرِضُوا عليهِ صِغارَ ذُنوبهِ، وارفَعوا عنهُ كبارَها، فيُعرَضُ عليهِ صِغارُ ذُنوبهِ، فيُقالُ: عَمِلتَ يَوْمَ كَذا وكَذا؛ كَذا وكَذا، وعَمِلتَ يَوْمَ كَذا وكَذا؛ كَذا وكَذا، فيقولُ: نَعَمْ، لا يَستطيعُ أنْ يُنكِرَ، وهوَ مُشفِقٌ مِنْ كبارِ ذُنوبهِ أنْ تُعرَضَ عليهِ، فيُقالُ لهُ: فإنَّ لكَ مَكانَ كُلِّ سيئةٍ حَسَنَةً، فيقولُ: رَبِّ قدْ عَمِلتُ أَشْياءَ لا أَراها ها هُنا"، فلقدْ رَأَيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حتَّى بدَتْ نوَاجِذُهُ.