للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو حَنِيفَةَ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يُذْكَرُ عَنِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا وَأَبِي وَاحِدٌ، مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى أَبِي.

«وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِيمَا حَكَاهُ عَنْ رَسُولِهِ: عَبْدِي مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، عَبْدِي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمْنِي» ، وَيُشْبِهُهُ قَوْلُهُ:

{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: ١٠] .

فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الْكَلَامِ، فَإِنَّهُ تَنْحَلُّ بِهِ إِشْكَالَاتٌ كَثِيرَةٌ، فَإِنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَكَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ، فِي عَامَّةِ الطَّوَائِفِ مَعَ ظُهُورِ الْمَعْنَى وَمَعْرِفَةِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَاتَ أَحَدِهُمَا اتَّحَدَتْ بِذَاتِ الْآخَرِ.

، بَلْ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ يُطْلَقُ لَفْظُ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ، وَيُرَادُ بِهِ مَعْنًى صَحِيحٌ، كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ بَيْنَهُمَا اتِّحَادٌ، إِذَا كَانَا مُتَّفِقَيْنِ فِيمَا يُحِبَّانِ وَيُبْغِضَانِ، وَيُوَالِيَانِ وَيُعَادِيَانِ، فَلَمَّا اتَّحَدَ مُرَادُهُمَا وَمَقْصُودُهُمَا صَارَ يُقَالُ هُمَا مُتَّحِدَانِ، وَبَيْنَهُمَا اتِّحَادٌ، وَلَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ ذَاتَ هَذَا اتَّحَدَتْ بِذَاتِ الْآخَرِ، كَاتِّحَادِ النَّارِ وَالْحَدِيدِ، وَالْمَاءِ وَاللَّبَنِ، أَوِ النَّفْسِ وَالْبَدَنِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْحُلُولِ، وَالسُّكْنَى، وَالتَّخَلُّلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا قِيلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>