للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّصَارَى أُمَّةٌ يَلْزَمُهُمُ الضَّلَالُ الَّذِي أَصْلُهُ الْجَهْلُ.

وَلَا يُوجَدُ قَطُّ مَنْ هُوَ نَصْرَانِيٌّ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، إِلَّا وَهُوَ ضَالٌّ جَاهِلٌ بِمَعْبُودِهِ وَبِأَصْلِ دِينِهِ، لَا يَعْرِفُ مَنْ يَعْبُدُ وَلَا بِمَاذَا يَعْبُدُ، مَعَ اجْتِهَادِ مَنْ يَجْتَهِدُ مِنْهُمْ فِي الْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ، وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.

ثُمَّ يُقَالُ عَلَى هَؤُلَاءِ: قَوْلُهُمْ: (طَبِيعَتَانِ) وَيَقُولُونَ أَيْضًا: (لَهُ مَشِيئَتَانِ) وَيَقُولُونَ أَيْضًا: (إِنَّهُ شَخْصٌ لَمْ يَزِدْ عَدَدُهُ) فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: (إِنَّهُمَا اتَّحَدَا) كَمَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِهِمْ هَذَا، لَا يَقُولُونَ بِشَخْصَيْنِ ; لِئَلَّا يَلْزَمَهُمُ الْقَوْلُ بِأَرْبَعَةِ أَقَانِيمَ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: (هُمَا جَوْهَرَانِ) ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: (جَوْهَرٌ وَاحِدٌ) .

فَإِنْ قَالُوا: (هُوَ جَوْهَرٌ وَاحِدٌ) ، صَارَ قَوْلُهُمْ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الْيَعْقُوبِيَّةِ، لَا سِيَّمَا وَهُمْ يَقُولُونَ: (إِنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتِ اللَّاهُوتَ وَالنَّاسُوتَ، وَإِنَّ الْمَسِيحَ اسْمٌ يَجْمَعُ اللَّاهُوتَ وَالنَّاسُوتَ، وَهُوَ إِلَهٌ تَامٌّ، وَإِنْسَانٌ تَامٌّ) .

فَإِذَا كَانَ جَوْهَرًا وَاحِدًا، لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اللَّاهُوتُ قَدِ اسْتَحَالَ وَتَغَيَّرَ، وَكَذَلِكَ النَّاسُوتُ، فَإِنَّ الِاثْنَيْنِ إِذَا صَارَا شَيْئًا وَاحِدًا، فَذَلِكَ الشَّيْءُ الثَّالِثُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَانًا مَحْضًا، وَلَا إِلَهًا مَحْضًا، بَلِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الْإِنْسَانِيَّةُ وَالْإِلَهِيَّةُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ الْإِنْسَانُ وَالْإِلَهُ اثْنَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>