والذي يظهر أن التقرير إنما هو منسحب على الجملة المنفية، وأن الواو للعطف ... واعتنى بهمزة الاستفهام فقدمت ... ولذلك كان الجواب ببلى، وقد تقرر في علم النحو أن جواب التقرير المثبت، وإن كان بصورة النفي تجريه العرب مجرى جواب النفي المحض، فتجيبه على صورة النفي، ولا يلتفت إلى معنى الإثبات».
تقدم همزة الاستفهام على حروف العطف
إذا كانت همزة الاستفهام في جملة معطوفة بالفاء، أو بالواو، أو بثم قدمت العطف على العاطف، تنبيها على أصالتها في التصدير، نحو:{أولم ينظروا}{أفلم يسيروا}{ثم إذا ما وقع آمنتم به}.
عقد سيبويه بابا لذلك ١: ٤٩١ عنونه بقوله: هذا باب الواو التي تدخل عليها ألف الاستفهام. النحويون يرون أن همزة الاستفهام مقدمة على حرف العطف، والأصل فيها أن تكون بعده. وقد قال بهذا الرأي أيضًا الزمخشري في المفصل ٢: ٢١٢.
قال عن خصائص الهمزة: «وتوقعها قبل الواو والفاء وثم. قال الله تعالى:{أو كلما عاهدوا عهدا} وقال: {أفمن كان على بينة من ربه} وقال: {أثم إذا ما وقع} ولا تقع (هل) في هذه المواضع».
هذا هو رأي الزمخشري في كتابه «المفصل». أما في الكشاف فله مواقف:
١ - اقتصر على ذكر هذا الرأي في قوله تعالى:
{أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا} ٧: ٩٧ {أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى} ٧: ٩٨. الكشاف ٢: ٧٨.
وعلق أبو حيان في البحر ٤: ٣٤٩ بقوله: «وهذا الذي ذكره الزمخشري من أن حرف العطف الذي بعد همزة الاستفهام هو عاطف ما بعدها على ما قبل الهمزة من الجمل رجوع إلى مذهب الجماعة في ذلك. وتخريج لهذه الآية على خلاف ما قرر هو من مذهبه في غير آية». وانظر المغني ١: ١٤ - ١٥.