وقع (أفعل) التفضيل خبرًا عن (من) الاستفهامية في ستة وعشرين موضعا، وأريد بالاستفهام فيها معنى النفي:
١ - ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه [٢: ١١٤].
في النهر ١: ٣٥٦: «وهو نفي للأظلمية، ونفي الأظلمية لا يستدعى نفي الظاملية، وإذا لم يدل على نفي الظالمية لم يكن في تكرير (ومن أظلم) تناقض، لأن فيها إثبات التسوية في الأظلمية، وإذا ثبتت التسوية فيها لم يكن أحد ممن وصف بذلك يزيد على الآخر، وصار المعنى: لا أحد أظلم ممن منع، وممن افترى، وممن ذكر، ولا يدل على أن أحد هؤلاء أظلم من الآخر، كما أنك إذا قلت: لا أحد أفقه من زيد وعمرو وبكر لا يدل على أن أحدهم أفقه من الآخر، بل نفي أن يكون أحد أفقه منهم.
لا يقال: إن من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ولم يفتر على الله الكذب أقل ظلما ممن جمع بينهما، فلا يكون مساويًا في الأظلمية لأن هذه الآيات كلها في الكفار، فهم متساوون في الأظلمية. وإذا اختلفت طرق الأظلمية فكلها صائرة إلى الكفر، فهو شيء واحد لا تمكن فيه الزيادة لأفراد من اتصف به، وإنما تمكن الزيادة في الظلم بالنسبة لهم ولعصاة المؤمنين بجامع ما اشتركا فيه من المخالفة، فنقول: الكافر أظلم من العاصي، ونقول: لا أحد أظلم من الكافر». وانظر الجمل ١: ٩٧.
٢ - ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله [٢: ١٤٠].
٣ - ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا [٦: ٢١، ٩٣، ٩: ٦٨، ١١: ١٨، ٦١: ٧].
٤ - ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها [١٨: ٥٧].