للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأن نيلوفر الرياض إذا ... ما الليل أدجى أو هم أن يدجى

رومية بضة منعمة ... تضم طفلا لها من الزنج

ومما شبه أيضا فيه أسوده بالزنجي قول أبي القاسم البلمي وهو تشبيه مفضل له، [مستحسن منه، وهو] : [الخفيف]

ونيلوفر غدا يخجل الرا ... ني إليه نفاسة وغرابة

كمليك الأحبوش في قبة بي ... ضاء يرنو الدجا فيغلق بابه

جنح ليل لما تجسم شخصا ... قد من صفحة الضحى جلبابه

الأحبوش: لغة في الحبش. قال أبو الوليد: ولي في لونيه وصف ربما طابق، وتمثيل عساه وافق، وهو: [المجتث]

وروضة رضيت عن ... صوب الحيا المسمر

فأظهرت نور نيلو ... فر منير أغر

كمحبر من لجين ... فيه بقية حبر

قال أبو الوليد: قد أكملت من النواوير ما وقع إلي فيه الوصف الكثير، وبقيت نواوير وقعت إلي فيها أوصاف يسيرة، وقطع قليلة، ولكني أذكرها على علاتها، وأورد منها ما حسنت تشبيهاتها، وجادت صفاتها فمنها نور اللوز.

[نور اللوز]

كاد أن يكون أبكر النواوير، وأول الأزاهير، ولم أعامله بالتأخير إلا لقلة الوصف له والقول، وذلك كل ما يأتي مما يبكر، وإنما له التأخير من أجل قلة القول فيه، والتشبيه له. فمن المستحسن في نور اللوز قطعة فائقة الوصف، رائقة الرصف أنشدنيها لنفسه صاحب الشرطة أبو بكر بن القوطية موصولة بمدح ذي الوزارتين أبو عمر عباد أعزه الله: [البسيط]

وأبيض اللون ذفلي غلائله ... عليه من نسج كانونين ابراد

يقول مبصره: سبحان فاطره ... كيف استقلت بهذا الحسن أفراد

يزور والنور لم تفتح كمائمه ... ولا تقدمه للوز ميعاد

كأنه رائد أو طالع نجدا ... أو قائد وصنوف النور أجناد

تشبه الخوخ في حسن النوار به ... يا قوم حتى من الأشجار حساد

نور حوى قصب المضمار منفردا ... كما حوى قصبات السبق عباد

الطاعن الخيل قدما والقنا قصد ... والسيف منقصف والرمح منآد

والموقد النار جودا للضيوف وقد ... جف المزاد وخف الرحل والزاد

وللوزير أبي عامر بن مسلمة فيه أبيات حسنة السبك، جيدة الحبك وهي: [السريع]

يا زهر اللوز لقد فقت في ال ... إحسان والحسن فأنت البديع

قد حزت حسنين وحازت نوا ... وير الربا حسنا فأنت الرفيع

تعلو بهار الروض حسنا فقد ... أصبحت مخصوصا بحب الربيع

قد أمك الوصاف إذ شبهوا ... غيرك بالخد وجار الجميع

فلونك المشرب في حمرة ... من يره أصبح لا يستطيع

دفعا لما قلت إذا عاينوا ... جمالك النورين عند الطلوع

فقت النواوير اعتلاء فما ... في زهرها غير سميع مطيع

قال أبو الوليد: ووقع إلي في نور الأقحوان تستولي على ميدان الإحسان أنا ذاكر جملتها ومورد جميعها.

[الأقحوان]

[قال أبو الوليد] : أنشدني [لنفسه] فيه الوزير أبو عامر بن مسلمة [بيتين بديعين في التمثيل، رفيعين في التشبيه وهما] : [السريع]

وأقحوان راقني نوره ... إذ ظل يرنو بعيون حسان

كأنه مدهنة من مها ... محكمة في وسطها زعفران

وللفقيه أبي الحسن بن علي فيه قطعة [معجبة تضمنت أوصافا مغربة] موصولة بمدح ذي الوزارتين القاضي_[أطال الله بقاءه وأدام في درج العز ارتقاءه_وهي] : [الطويل]

إذا ميزت أنوار كل خميلة ... فنور الأقاح الغض منها ثغور

تألفن درا فوق أغصان سندس ... ونكهة طيب بالصبا تستثيرها

شكت قضفا بين النواوير فاتقت ... وجاءت إلى غدرانها تستجيرها

بنور ابن عباد أضاءت وأشرقت ... ومن وجهه السامي تألف نورها

ولو أملته واستجارت بقربه ... لذل مناويها وعز نصيرها

قوله: "شكت قضفا" القضف: الرقة، وهوتمليح مليح في صحبتها الغدر، وربما كانت في غيرها. [ومن المستطرف المستظرف قوله] : [المجتث]

كأن نور الأقاحي ... در تضمن عسجد

أو لؤلؤ حول صفر ... من اليواقيت نضد

وقد بدا في غصون ... مخضرة كالزبرجد

تهدي لك المسك فوحا ... مع الأصائل والند

يزيده اللحظ حسنا ... والعين نورا مجدد

<<  <   >  >>