للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تشتبه المعجزة بالكرامة في أعصارنا هذه إذ لا نبي بعد نبيّنا - عليه الصّلاة والسّلام - ومن أظهر خارقا مدّعيا للرّسالة قطعنا بكفره وسمّينا ما وقع على يده كهانة كمسيلمة الكذّاب وإن لم يدّع رسالة فهو إمّا سحر أو كهانة أو إستدراج على ما مرّ.

وقد ظهرت الكرامة على يد الخيرة / من هذه الأمّة:

فمنها ما ظهر على يد الصّدّيق - رضي الله تعالى عنه - من إخباره في مرض موته بمولود يولد له انثى، وتكثير الطعام القليل فأكل هو وأضيافه من قصعة صغيرة حتى شبعوا وصار ما فيها أكثر ممّا قبله.

ومنها ما ظهر على يد عمر - رضي الله تعالى عنه - من مخاطبته - وهو على منبر الرّسول - لسارية أمير جيشه وهو بنهاوند بقوله: يا سارية، الجبل، تحذيرا له ولمن معه من كمين المشركين في الجبل، فسمع سارية وجيشه صوته فحذروا (٣١) ونجوا، وجرى النّيل بكتابه لمّا كانت عادة أهل مصر أن يلقوا فيه أوان الزيادة بكرا، ونهاهم عن ذلك فوقف ولم يزد حتى أشفوا على الجلاء، فكتب للنّيل كتابا فيه: إن كنت تجري من قبلك فلا حاجة لنا بك، وإن كنت تجري بأمر الله فنسأله تعالى ذلك، وألقى فيه الكتاب فزاد فورا، وكذا ضربه الأرض بدرته، بكسر الدال، عصاة، لما ارتجّت (٣٢) وقال: قرّي (٣٣)، ألم أعدل عليك؟ فقرّت وسكنت؛ وكذا حبسه للنار التي كانت تخرج من الجبل فتحرق ما أصابت فخرجت في زمنه فأمر أبا موسى (٣٤) أو تميما (٣٥) فجعل يسوقها بردائه حتى دخلت الكهف فلم تعد بعد ذلك، وكذا ردّه لطائفة من الجيش مرة بعد أخرى لما عرضوا عليه، فتبين بعد موته أن منهم قاتل عثمان - رضي الله تعالى عنه -.

ومنها قول عثمان - رضي الله تعالى عنه - لرجل لقي إمرأة في الطّريق فقابلها بشهوة: أيدخل عليّ أحدكم وفي عينيه أثر الزّنا؟.

ومنها قول إبن عمر لأسد / قطع الطّريق على قافلة هو فيها: تنحّ، فبصبص بذنبه وذهب.


(٣١) في الأصول: «فاحتذروا».
(٣٢) في ط: «ارتحل».
(٣٣) في الأصول: «أقرى».
(٣٤) هو الأشعري صحابي جليل.
(٣٥) هو الداري، صحابي، كان نصرانيا.