انتهى كلام ياقوت الحموي وما ذكره عن سلطان إربل من كثرة الظلم والعسف بالرعية وأخذ الأموال من غير وجهها فيه أبلغ رد على من تجاوز الحد في مدحه والثناء عليه بالعدل وحسن السيرة والسريرة وقد ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" نقلاً عن سبط ابن الجوزي أنه قال فيما ذكره عن سلطان إربل أنه كان يعمل للصوفية في المولد سماعًا من الظهر إلى الفجر ويرقص بنفسه معهم.
قلت: وهذا أيضًا مما يزري به ويقدح فيه لأن عمل السماع من البدع المحدثة في الإسلام والبدع كلها شر وضلالة بالنص الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديثي العرباض بن سارية وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما وكلها مردودة بالنص الثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وفي رواية «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» وقد ذكرت هذه الأحاديث في أول الكتاب فلتراجع (١).
وأما الرقص فإنه من خوارم المروءة ومما يزري بالعقل والأدب قال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام الرقص لا يتعاطاه إلا ناقص العقل، وقال أبو الفرج ابن الجوزي حدثني بعض المشايخ عن الغزالي أنه قال الرقص حماقة بين الكتفين لا تزول إلا بالتعب، قال وقال أبو الفواء ابن عقيل قد نص القرآن على النهي عن الرقص فقال عز وجل {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} والرقص أشد المرح والبطر، وهل شيء يزري بالعقل والوقار ويخرج عن سمت الحلم والأدب أقبح من ذي لحية يرقص فكيف إذا كانت شيبة ترقص وتصفق على أوقاع