وإذا علم ما يترتب على سنن الشر من كثرة الأوزار فليعلم أيضًا أن الذين سنوا بدعة القيام عند ذكر ولادة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليسوا بأهل أن يوصفوا بالعلم والفضل والتقى، وإنما يوصفون بالجهل وسوء الأدب مع النبي - صلى الله عليه وسلم - واتباع غير سبيل المؤمنين الذين كانوا لا يقومون للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما يعلمون من كراهيته لذلك.
وأما قول ابن علوي إن من لم يقم قد يفسر موقفه ذلك بسوء الأدب أو قلة الذوق أو جمود الإحساس.
فجوابه أن يقال إن سوء الأدب على الحقيقة وقلة الذوق وجمود الإحساس إنما هو في استحسان البدع وتأييدها والرغبة عن هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومخالفة الأحاديث الثابتة عنه في ذم البدع والتحذير منها والأمر بردها ومخالفة ما كان عليه الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان، فإن هؤلاء لم يكونوا يعرفون الاحتفال بالمولد فضلا عما ابتدعه الجهال فيه من القيام عند ذكر ولادة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم في حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن القيام له وقال:«لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضًا».
وتقدم في حديث أنس رضي الله عنه:«أنهم كانوا إذا رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك» فما فعله الصحابة رضي الله عنهم من ترك القيام للنبي - صلى الله عليه وسلم - هو الأدب الحسن الذي أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ورضيه لهم، وما خالفه فهو من سوء الأدب الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكرهه لأصحابه، وقد قال الله تعالى: