وسبِّ دينهم وآبائهم وألهتهم .. فعجزوا عن ذلك، مع أنهم كانوا يتباهَونَ بالفصاحةِ والمروءة.
ثم منهم مَن حملَهُ ضيقُ هذا المجال إلى أن يُخاطِرَ بِمهْجَتِهِ الأسِنَّةَ وسيوفَ القتالِ، ومنهم مَن هذى بما صيَّرَه ضُحْكةً كمُسَيْلِمة.
ومثَّلَ لوجوهِ الإعجازِ بقوله:(كدقائقِ العلوم الإلهيَّةِ) ويندرجُ فيها نِكات البلاغة (ومحاسنِ الآدابِ) إضافة بيانيَّة، أَو من إضافةِ الصِّفَةِ، أو بمعنى: مِنْ، أي: أحسنها، وهو عطفٌ خاصٌّ، أو أراد بالدقائقِ ما عداها.
(والأخلاقِ) جمعُ خُلُقٍ بالضمِّ: الصفة (التي لا يُحيطُ بها إلا) اللهُ تعالى (العالمُ بكلِّ طويّهٍ وخفيّهٍ) عطف تفسيرٍ، فإن الطويَّةَ فعيلة بمعنى مفعولةٍ، أي: مطويةٌ مخبَّأة (والإنباءِ) أي: الإخبار (عنِ المُغَيَّباتِ) مما مضى وما هو آتٍ.
(وكبلاغتِهِ) أي: مُطابقته لمُقْتضياتِ الأحوال مع فصاحته (ونَظْمِهِ) أي: تركيبه (الغريبِ المخالفِ لسائرِ أساليبِ) أي: طُرُق (كلامِ العربِ) فإنَّه ليس على قانون بحرٍ مِن بُحورِ النَّظْمِ، ولا على دأبِ السَّجع المحضِ بينهم (الذي أعجزَ الفصحاءَ عَنْ معارضتِهِ) كما تقدَّمَ (وعدمِ اختلافِهِ مع طولِهِ، وغيرِ ذلكَ) مما يُدرَك بالتبيانِ أو الوِجْدانِ، وقد سمع أعرابيٌّ قولَهُ تعالى:{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} فسجد، وقال:(سجدتُ لِحُسْنِ هذا الكلامِ)(١).