للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من أحكام المعاوضات]

وللمحافظة على مقصد الرواج شرعت عقود المعاملات التي منها ما هو من قبيل المعاوضات، ومنها ما هو من التبرّعات. فبهذه العقود يتمّ نقل الحقوق المالية وفق شروط وقوانين هي من هندسة الفقهاء الذين تدبّروا مصادر التشريع، وعلى الأخصّ المصدرين الأساسيين. وكان لهم من ذلك ما يسّر عليهم استنباط الأحكام ووضع القواعد والأصول، وضبط ما تقتضيه العقود من صور يتم عن طريقها مراعاة المصالح.

فمن هذه الأحكام ما تُواجه الشريعة به الشرّ، وتصدّ به الظلم. مثل ما وقع للمعاملات الربوية الممنوعة شرعاً، وكذلك البيوعات المتمثلة في كل ما دخلته جهالة بأحد العضوين أو اشتمل على غرر وغبن، أو كان حكراً من التصرّفات المالية والمعاملات يقف في وجه رواج السلع والبضائع. ومن صور ذلك نهيُ الشارع عن المزابنة. وهي ضربٌ من الربا.

وبيع الطعام بالطعام نسيئة كما ذكرنا قبل. وذلك لتفادي بقاءِ الطعام ديناً في الذمةِ، فيمنع ذلك رواجه. ونهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام قبل قبضه وفيه حديث ابن عباس. ولفظه في البخاري: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبيع الرجُل طعامه حتى يستوفيه (١). وحديث ابن عمر: من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه (٢)، ونهى الشارع عن بيع الغرر. ومثاله بيعُ الجنين في بطن أمه لحديث أبي سعيد الخدري: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع (٣). وعلةُ النهي عن


(١) خ: ٣/ ٢٢ - ٢٣.
(٢) م: ٢/ ١١٦٥.
(٣) جه: ٢/ ٧٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>