للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو أن نسير على منهج الإمام العز بن عبد السلام في كتابه القواعد الكبرى فنجمع جملة من القواعد القطعية، يتأتّى لنا الرجوع إليها في التحكيم عند الاختلاف والمكابرة. وتستمد هذه القواطع من متكرر أدلة القرآن النافي لاحتمال المجاز أو المبالغة، ومن اطراد النهي عن التعدي على النفوس والأموال والأعراض، وعن الغصب والظلم وكل ما فيه ضرر أو إضرار.

ومن بين ما تناوله القسم الأول من الكتاب النظر في تعليل الأحكام الشرعية، والتفريق بين ما هو منها معلل وما هو تعبدي. وفي هذا أبرزَ وظيفة الفقهاء في انتزاع الفروع من الأصول إما بطريق تحقيق المناط، وإما بطريق القياس، وإما باعتماد أحكام ثبت صدورها عن الشارع في علم المجتهد وهو موقن بها، لكنه لم يقف على مراد الشارع منها لخفائها، وهو التعبدي. وقد نبّه إلى مقالة عمر أن السنن ووجوه الحق تأتي كثيراً على خلاف الرأي، فما يجد المسلمون بداً من اتباعها كقضاء الحائض الصوم، وعدم قضائها الصلاة، وكون العمة تورِث ولا تَرث. وكشف المؤلف عن رأي الظاهرية في هذا المحل، وذهب مسانداً لابن العربي في موقفه منهم قائلاً: يضطر الظاهرية (بنزعتهم هذه) إلى التوقف عن إثبات الأحكام فيما لم يرو فيه عن الشارع حكماً من حوادث الزمان. كما أن في اتجاههم هذا نفيَ مواكبة الشريعة لجميع العصور والأقطار.

ومثل لما أبداه الصحابة من الاجتهاد بقضية العول في الميراث. ونصح الفقهاء بأن لا يساعدوا على وجود الأحكام التعبدية في تشريع المعاملات، وأن يعتبروا أن التعبدي من الأحكام هو ما خفيت علله ودقت. وأنه وإن جاز إثبات أحكام تعبدية لا علة لها في غير أبواب المعاملات المالية والجنائية، فإن عليهم استنباط العلل في

<<  <  ج: ص:  >  >>