للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقسام المعاملات الأخرى كما فعل الأئمة الثلاثة في بيان علةِ تحريمِ ربا الفضل قياساً على الأصناف الربوية.

وفي القسم الثاني من الكتاب الموضوع لمقاصد التشريع العامة بدأ الإمام الأكبر بتعريف المقاصد، وبيان الصفة الضابطة لها في المعاني الحقيقية والمعاني العرفية العامة. واشترط فيها الثبوت والظهور والانضباط والاطراد. فإذا توفرت الشروط حصل اليقين بأنها مقاصد شرعية، وإذا اختلطت المعاني وترددت بين الصلاح والفساد تعين الرجوع إلى نظر العلماء وولاة الأمر لتحديد المقصود منها ولا يعتد بما هو أوهام أو تخيلات في المعاني. فإن البناء على الأوهام مرفوض في الشريعة إلا عند الضرورة. ومن حق الفقيه أن يتعمق في التأمل من أجل إزالة ذلك الوهم والتوصل إلى المعنى الخفي الذي هو مناط التشريع. والأمور الوهمية وإن لم تصلح لأن تكون مقصداً شرعياً فهي صالحة لأن يُستبان بها في تحقيق المقاصد الشرعية، فتكون طريقاً للدعوة والموعظة ترغيباً وترهيباً.

وتوقف الإمام طويلاً عند وصف الفطرة وذكر ما قالها المفسرون فيها، وفي أقسامها، وأورد في ذلك مقالة ابن سينا نقلاً عن كتاب النجاة. وفي وجوه الحث عليها والجري على مقتضاها يقول: إن الشريعة الإسلامية داعية أهلها إلى تقويم الفطرة والحفاظ على إعمالها وإحياء ما اندرس منها، وأن المقصد العام من التشريع يتعين أن يكون مسايراً لها، سالماً من خرقها أو اختلالها، وأن الوصف المترتب عليها وهو أكبر مقاصدها هو السماحة. وهي سهولة المعاملة في اعتدال، وتظهر سهولتها المحمودة فيما يظن الناس التشديد فيه، ومن ثم كان من الفطرة النفور من الشدة والإعنات.

<<  <  ج: ص:  >  >>