ذلك - / [٤: ٢/ أ] توغلهما في الإبهام، وذلك أن أسماء الأماكن المختصة تُستعمل أسماء كزيد وعمرو، ولا تستعمل ظرفًا إلا في الشعر أو في شاذً من الكلام، وإنما يُستعمل من أسماء الأماكن ظرفًا ما كان مبهمًا، فلذلك كان أكثر ما يُستعمل ظرفًا ما توغل في الإبهام، وإذا قرب من المختص كمكان زيد حسن فيه استعماله اسمًا.
وهذه في استعماله استعمال الأسماء قسمان: أحدهما بلا تجوز، نحو: خلفك مجدبٌ، ووراؤك أوسع لك. والثاني بتجوز، نحو: زيدٌ خلفك، إما على إضمار، أي: مكان زيدٍ خلفك، وإما على جعله زيدًا مجازًا لما كان حالًا فيه، كقوله نهارك صائمٌ، وسواء في ذلك المعرفة والنكرة، وهذا مذهب البصريين.
وأما الكوفيون فلا يكون ظرف المكان عندهم إلا معرفة بالإضافة أو مشبهًا للمعرفة بها، نحو: خلفك، وخلف حائط، فإن قيل وراء وقدامًا وخلفًا وبقعةً صالحةً ومكانًا طيبًا فليس بظرف، بل قام عبد الله خلفًا ووراء بمعنى متأخرًا، وقدامًا بمعنى متقدمًا، ومكانًا طيبًا وبقعةً صالحةً بمعنى شرفًا ومغتبطًا، فقولك: رأيتك مكانًا طيبًا، بمعنى: شرفًا، أو مغتبطًا.
وإذا وقع اسم المكان عندهم خبرًا وكان مضافًا إلى معرفة فإن وقع خبر الأسماء المواضع جاز فيه الرفع والنصب، نحو: داري خلفك وخلفك، أو لغير ذلك لم يجز فيه عندهم إلا النصب، نحو: زيدٌ خلفك، وتقدم الكلام في شيء من ذلك في باب المبتدأ والخبر، فأغنى عن إعادته هنا.
وقوله وبين مجردًا يعني من الظرفية، مثاله: هو بعيد بين المنكبين، نقي بين الحاجبين، وقال الشاعر: