للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أتوا بفي إنما يقولونه بالفتح، فدل على أن الظرف إنما هو المنصوب، وأن المجرور إنما هو اسم، فوسط عندنا بمنزلة بين، والوسط: منصف الشيء، فإذا قلت حفرت في وسط الدار بئرًا فمعناه: في منصفها، وهو بمنزلة النقطة من الدائرة، وتقول: جلست وسط الدار، إذا جلست في ناحية منها لا في منصفها، فهذا الفرق بينهما.

وأما الكوفيون فلا يفرقون بينهما، ويجعلونهما ظرفين؛ ألا ترى ثعلبًا قال: "واحتجم وسط رأسه". وهذا عندنا لا يجوز؛ لأن احتجم لا يتعدى، وس يقول: ضربت وسطه، والكوفيون يقولون: هو ظرف بمنزلة وسط، ولا فرق بينهما، إلا أن وسط يقال في المفترق الأجزاء: نحو: وسط القوم، ووسط يقال فيما لا تتفرق أجزاؤه، نحو وسط الرأس.

ولا يستعمل وسط مرفوعًا عندنا إلا في الشعر، نحو:

.................... ............... وسطها قد تفلقا

فهو شاذ عندنا من حيث استعمل اسمًا، وعند الكوفيين شاذ من حيث استعمل فيما لا تتفرق أجزاؤه، وهو الصلابة.

وقوله ودون لا بمعنى رديء احترز بقوله "لا بمعنى رديء" مما حكي س أنه يقال: "هذا ثوبٌ دونٌ: إذا كان رديئًا"، فهذا ليس بظرف. أما إذا كان ظرفًا فسواء أكان حقيقة، نحو: جلست دون زيدٍ، أو مجازًا، نحو: زيدٌ دونك: إذا أردت في الشرف - فإنه لا يُرفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>